في علم الحساب المعادلات كالتالي:

موجب + موجب = موجب بمجموع القيمتين

سالب + سالب = سالب بمجموع القيمتين

موجب + سالب = الفرق بين القيمتين سالبًا أو موجبًا

في وصايا الدين: الخطأ + الخطأ لا يساوي صح! سالب + سالب لا يجب أن يكون سالبًا بالضرورة.

تعلمنا منذ نعومة أظفارنا أن نردّ الصفعة صفعتين واللكمة لكمتين. من علامات الرجولة أن نتعامل مع الإحساسات في داخلنا باتجاهٍ واحد. من يقلع عيني أن أقلع عينيه الاثنين فأنا عملت عملًا إيجابيًّا. من يضربني صفعة أضربه صفعتين عمل إيجابي كما يقول الشاعر:

أَلا لا يَعلَمُ الأَقوامُ أَنّا * تَضَعضَعنا وَأَنّا قَد وَنينا
أَلا لا يَجهَلَن أَحَدٌ عَلَينا * فَنَجهَلَ فَوقَ جَهلِ الجاهِلينا

الظلم لا يبرر الظلم والخطأ لا يجبر الخطأ وضعف الآخرين ليس جواز سفر إلى الانتقام والكراهية، لا في الحساب الكمّي ولا في المنطق الديني والإنساني.

{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}! وعد جميل على العفو والإصلاح.

ورد في النصوص المسيحية عن النبي عيسى عليه السلام، ولا أظن أن العالم المسيحي يعمل بها:

"سَمِعْتُمْ أنّهُ قِيلَ: عَينٌ بِعَينٍ وسِنّ بسِنّ. أمّا أنا فأقولُ لكُم: لا تُقاوِموا مَنْ يُسيءُ إلَيكُم. مَنْ لطَمَكَ على خَدّكَ الأيْمنِ، فحَوِّلْ لَه الآخَرَ. ومَنْ أرادَ أنْ يُخاصِمَكَ ليأخُذَ ثَوبَكَ، فاَتْرُكْ لَه رِداءَكَ أيضًا".


بين أن أكون "هِرَّة" يضربها صبيّ كيف يشاء دون أن تدافع عن نفسها أو أكون أسدًا يفترس من في الغابة مسافة بعيدة. لا هذا ولا ذاك. الحياة الإنسانية لا تقوم على مبدإ: "لكل فعل ردة فعل، مساوية له في القوة، ومعاكسة في الاتجاه" ولا على مبدإ اقتلني وأسامحك!

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. القصاص أو المقابلة بالمثل ليس أمرًا إلزاميًّا لا يمكن الحياد عنه.

قول الإمام علي عليه السلام: "ردوا الحجرَ من حيث جاء فإن الشر لا يدفعه إلا الشر" كناية عن مقابلة الشر بالدفع على فاعله ليرتدع عنه، إذا لم يمكن دفعه بالأحسن. أن يُرد الشر من حيث أتى إذا لم تنفع الحلول السلمية.

{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}! لا يكتفي الإنسان بكظم الغيظ بل يعفو ويصفح عن المسيء.


المعاملات الإنسانية ليست معادلات رياضية جامدة. هي معادلات تخضع إلى قيم خلقية وكمال معنوي يحول القيمة السالبة إلى موجبة ويحيل الصفر إلى قيمة أعلى.

يروى أن جارية لعليّ بن الحسين عليه السلام جعلت تسكب عليه الماء ليتهيأ للصلاة، فسقط الإبريق من يدها فشجه، فرفع رأسه إليها فقالت له الجارية: إن الله تعالى يقول: والكاظمين الغيظ فقال لها: قد كظمتُ غيظي. قالت: والعافين عن الناس قال: "قد عفوت وقد عفى الله عنك". قالت: والله يحب المحسنين. قال: "اذهبي فأنت حرة لوجه الله".

المنطق الذي لا يخضع للعملية الحسابية بتاتًا:

عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة؟: العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك".