لا معنى للأشياء عندما تأتي متأخرة
في هذه الحياة، لا تُقاس الأشياء بقيمتها المادية فقط، ولا حتى بجمالها أو نُدرتها، بل أحيانًا تتوقف قيمتها تمامًا على اللحظة التي تصل فيها.
كم من حلمٍ تمنيناه، وحين تحقق بعد فوات الأوان، لم يمنحنا السعادة التي تخيلناها؟
وكم من أمنيةٍ كانت لتُغيّر مجرى حياتنا، لو أنها فقط جاءت في وقت اللهفة، لا في وقت اللامبالاة.
هذه الحقيقة تلخصها عبارة بالغة الدقة والصدق، وهي أن:
”الكثير من الأشياء إن لم تأتِ في وقت انتظارنا ولهفتنا لها، فلن يكون لها أي معنى بعد ذلك“.
في العلاقات، في الفرص، في الكلمات، في الهدايا، وفي كل أشكال العطاء، يكون التوقيت هو ما يضفي على الأشياء معناها الحقيقي.
فكلمة ”أنا آسف“ مثلًا، قد تُداوي جرحًا إن قيلت في وقتها، لكنها تصبح بلا قيمة إن جاءت بعد أن برد الجرح وتحول إلى ندبة.
هدية صغيرة قد تُبكينا فرحًا إن جاءت في لحظة ضعف، لكنها قد لا تعني شيئًا إن جاءت في وقت متأخر، بلا حاجة أو شوق.
حين نشتاق إلى أشياء أو ننتظر تحقق حلمٍ ما، فإن مشاعرنا تُضفي على ذلك الشيء هالة من القدسية، والتقدير، والاحتياج العميق.
لكن اللهفة لا تبقى إلى الأبد، والقلوب حين تُرهق من الانتظار تُصاب بالوهن.
فإذا جاء ما تمنيناه متأخرًا، قد نجد أنفسنا نقف أمامه ببرود تام، ونسأل أنفسنا بدهشة:
”لماذا لم أعد أفرح به كما كنت أتخيل؟“
ويكون الجواب ببساطة: لأنك أتيت بعد اللهفة.
الزمن لا يُبقي الأشياء كما هي، ولا نبقى نحن كما كنّا.
التأخير لا يُبقي التطلعات، ولا الشغف، ولا الأمل حيًّا دائمًا.
في بعض الأحيان، الوصول المتأخر لا يُعد وصولًا، بل أشبه بمرور عابر لشخص فات موعده على حياتنا.
الحلم حين يتأخر أكثر من اللازم، قد يتحول إلى حسرة، لا إلى فرح.
ليس فقط الأشياء، بل المشاعر أيضًا تفقد معناها إن لم تُعبّر عنها في وقتها.
الامتنان إن تأخر، يصبح مجرد مجاملة.
أيضًا، الدعم عندما لا يأتي وقت السقوط، لن يُجدي كثيرًا حين نكون قد وقفنا وحدنا.
وختامًا، في النهاية، الحياة لا تنتظر أحدًا، والمشاعر لا تبقى في مكانها.
لذلك، من أراد أن يمنح شيئًا ثمينًا، فليمنحه في وقته، لا حين يُصبح بلا أثر.
فالمتأخرون عن لحظاتنا، مهما جاؤوا محمّلين بالكنوز، يأتون بعد أن أُغلِقت الأبواب، وانطفأت القلوب، وجفّت اللهفة.
تذكّر دائمًا:
بعض الأشياء إن جاءت متأخرة، لن تعني شيئًا، حتى وإن كانت كل ما تمنيناه يومًا.