النتائج 1 إلى 5 من 5
الموضوع:

بين الحقيقة الطبية والرحمة الإنسانية

الزوار من محركات البحث: 3 المشاهدات : 102 الردود: 4
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    مراقبة
    أفانين القلب
    تاريخ التسجيل: September-2016
    الدولة: Qatif ، Al-Awamiya
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 24,512 المواضيع: 8,967
    صوتيات: 139 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 31313
    مزاجي: متفائلة
    المهنة: القراءة والطيور والنباتات والعملات
    أكلتي المفضلة: بحاري دجاج ،، صالونة سمك
    موبايلي: Galaxy Note 20. 5G
    مقالات المدونة: 1

    بين الحقيقة الطبية والرحمة الإنسانية

    في لحظة ما، قد يبلغ المريض مرحلة حرجة يصفها الطب بأنها “ميؤوس منها”. وعند هذه المرحلة، يصبح من حق المريض ـ بحسب الأعراف الطبية والإنسانية ـ أن يعرف حقيقة وضعه. غير أن نقل هذه الحقيقة ليس أمرًا تقنيًا بحتًا، بل مهمة دقيقة تعتمد على وعي الطبيب وثقافته وحكمته في اختيار الأسلوب. فالكلمات، وإن حملت المعنى نفسه، قد تكون بلسمًا يخفف وقع الصدمة، أو سهمًا يمزق قلب المريض قبل أن ينال منه المرض.

    تأمل مثلًا طبيبًا يخاطب مريضه ببرود: “حالتك الصحية، للأسف، تجعلنا عاجزين عن فعل شيء. لم يتبقَّ لك سوى أيام معدودة.”

    وفي المقابل، طبيب آخر يقول: “لقد بذلنا كل ما نستطيع، لكن للطب حدود، أما رحمة الله فلا حدود لها. وكم من مريض منّ الله عليه بالشفاء رغم عجز الأطباء. فلنتوكل على الله، وهو القادر على أن يبدّل الحال في لحظة.”

    في الحالة الأولى، قد يتلقى المريض صدمة قاسية لا يسببها المرض ذاته، بل الأسلوب الذي صيغت به الكلمات. أما في الثانية، فيجد المريض نفسه أكثر قدرة على امتصاص الصدمة بقبول وتوكل.


    الحقيقة أن نسبة من الأطباء تفتقر إلى مهارة مواجهة المريض بحقيقة وضعه. وحين يحاولون ذلك، قد ينقلون المعلومة الطبية بوجه جامد وصوت يخلو من التعاطف، كأنهم يحدّثون آلة لا إنسانًا. وفي المقابل، هناك أطباء أوتوا نصيبًا من الحكمة، يوفّقون بين الدقة الطبية والرحمة الإنسانية، فيخففون وقع الحقيقة بدل أن يجعلوها خنجرًا في قلب المريض. فالطبيب، قبل أن يكون متخصصًا، هو إنسان. وإذا أهمل تنمية وعيه وثقافته وأبعاده الأخلاقية، بقي فقيرًا في أهم ما يحتاجه المريض: الرحمة والكياسة. حين يغيب هذا البعد، يتحول نقل الحقيقة الطبية من واجب إنساني إلى جرح نفسي قد يفتك بالمريض قبل أن يفتك به المرض.

    ولنقرب الصورة بمثال أبسط: منع التدخين. يمكن قولها بصرامة: “ممنوع التدخين”. أو بلطف: “شكرًا لامتناعكم عن التدخين”. بل ويمكن صياغتها بأبيات شعرية تلمس القلب:

    يا من تزين بالتقى والدينِ *** وغدا لأهل العلم خير قرينِ
    إن شئت أن تعطي الأخوة قدرها *** لا تؤذين أخاك بالتدخينِ


    الفكرة واحدة: “لا تدخن”، لكن الأسلوب هو ما يصنع الأثر.

    ما زالت عالقة في ذهني جملة سمعتها منسوبة إلى طبيب:
    “احتمال شفائك ضعيف. أمامك خياران: إما الخوض في رحلة علاجات قد تزيد آلامك، أو انتظار أجلك. فما رأيك؟” أتساءل: كيف يمكن لمريض، يتشبث بالأمل بفطرته، أن يجيب على مثل هذا العرض؟ في المقابل، قد يتخلى آخر وبوعي عن الأمل ويسير نحو أجله. المعضلة معقدة، لكن يظل السؤال قائمًا: هل يمكن للطبيب أن يقول الحقيقة دون أن يفتك بالمريض؟ في اعتقادي: نعم، إذا امتلك الطبيب من الحكمة والرحمة والتدريب ما يجعل كلماته علاجًا للنفس قبل أن تكون مهمة عمل.

  2. #2
    صديق نشيط
    تاريخ التسجيل: March-2025
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 191 المواضيع: 1
    التقييم: 183
    أكلتي المفضلة: شاورما
    موبايلي: شاومي 2025
    آخر نشاط: منذ 22 ساعات
    احسنتم النشر

  3. #3
    مراقبة
    أفانين القلب
    نورت بحضورك الجميل

  4. #4
    مراقبة
    تاريخ التسجيل: June-2018
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 6,758 المواضيع: 48
    التقييم: 13208
    مزاجي: غائمة المزاج ..
    .




    مهنة الطب ليست بسيطة فهي تحتاج لأسلوب ورحمة
    تماماً مثل الخبرة والمعرفه التي تحتم على الطبيب إتقانها ،
    كذلك الأسلوب الطيب واللين يعمل فارق كبير على نفسية المريض ..


    شكراً لكِ




    .

  5. #5
    مراقبة
    أفانين القلب
    نورتِ بحضورك الرائع

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال