تسكّعتُ في طرقٍ مجهولة
تسكنها رمالاً دافئة
وَتلفّها الأسلاك مثل حامية
ينبعث منها الضوء الأصفر
ويقطنها جنوداً ملامحهم خضر
وملامح لأشخاصٍ أعرفهم
منهمكون بلا شيئ
إنكَمَشت روحي هناك
وَجريتُ راجعاً ..
أبحثُ عن بقعةِ ظل
أعاقني النهر من المضي
فركبت أمواجهه حيث يسير
صادفني موكب أشجارأ متراصّة ..
وكأنها القضبان
تَعِبت يَدايَ بعد أن عمتَ طويلاً
فتعلّقت بصخرة
تحيطها حشائش نديّة
أمسكتُ بها ..
ثم قفزت نحو الضفاف
بدَت ليَ المشاهد مجهولة
ثم سرت بأتجاهاتٍ مختلفة
وعمدت السير بشكلٍ مستقيم
وفي مكانِ ما ..
أعرف ملامحه جيداً وأجهل نصفه الآخر
صادفتني مدرسة قديمة
أعرف تفاصيلها جيداً
أجتزتها حتى الصف الأخير
وأقتربت من بابها الخلفي لأخرج
وقبل الخروج تراجعت
وعدت أدراجي من حيث دخلت
ثم مشيت بجانب جدارها
حتى النهاية
ووقفت على أرض خالية
تربتها كثيفة
يفصل بينها وبين الجادة ..
أسلاك بالية
تحرسها كائنات غريبة
هجينة مابين الكلاب والبشر
ومن بعيد ..
يقف برجاً عاجياً ..
لايضاهى بطولهِ
تمنيتُ أن أصل اليهِ
أصابني الذعر ..
فرجعت بإتجاهِ مفترقِ طرقٍ
بشارعٍ مهيبٍ
وعلى جانبيهِ أبنية كثيرة
أعرف بعضها وأجهل البعض الآخر
ثم رأيت أشخاصاً وجوههم صفراء
ورأيت آخرين أعرفهم
تعبتُ كثيراً من تلك المشاهد
ومن التسكع في الشوارع
وقررت العودة إلى النهر
ركبت أمواجه مجدداً
فابتلعتني مياهه
قاومته ثم لفظَني
على أرضٍ أظنني وطئتها من قبل
تملؤها المقاهي
وكأن النفس تطلب مني أستجماماً
قبل أن تخوض غماراً آخر
في وحل الحياة