وفاة الدكتور عبدالله العبدالمحسن رائد مسرح الطفل في السعودية والخليج
غيّب الموت، اليوم، الكاتب والباحث المسرحي الدكتور عبدالله بن حسن آل عبدالمحسن، أحد أبرز أعلام المسرح في المملكة ورائد مسرح الطفل في منطقة الخليج يأتي ذلك بعد صراع مع المرض.
وخلّف رحيله حزنًا عميقًا في الأوساط الثقافية والفنية، التي استذكرت مسيرته الحافلة بالعطاء والإنجاز، ودوره التأسيسي في صياغة فن مسرحي هادف للأجيال الناشئة.
ويُعد العبدالمحسن قامة فنية فريدة، حيث كرس حياته لتحويل الموروث الشعبي والفلكلور الخليجي إلى أعمال مسرحية تربوية، تهدف إلى رفع المستوى الأخلاقي لدى الأطفال وتنمية خيالهم وقدراتهم الفكرية.
وترك إرثًا يضم ما يقارب ثلاثين مسرحية للطفل وأربعين مسرحية للكبار، شكلت علامات فارقة في تاريخ المسرح المحلي والخليجي.
السيرة الذاتية والمؤهلات الأكاديمية
ولد الدكتور عبد الله حسن منصور آل عبد المحسن عام 1373 ه/1953 م في جزيرة تاروت بمحافظة القطيف. تعلّم في مدارس تاروت والقطيف الابتدائية والثانوية، ثم التحق بجامعة الملك سعود بالرياض حيث نال البكالوريوس في التربية وعلم النفس، والماجستير في المناهج وطرق التدريس، والدكتوراه في الإدارة التربوية.

بدأ حياته المهنية مدرسًا في معهد المعلمين بمدينة الجوف، ثم تابع التدريس بالمنطقة الشرقية، وأخيرًا تولّى إدارة إحدى المدارس الثانوية في القطيف حتى تقاعده.
بعد التقاعد، استمرّ في خدمة مجتمعه محليًا، فقد انتُخب رئيسًا لنادي الهدى الرياضي في تاروت لمدة تسع سنوات، وأسهم خلالها في نشاطات رياضية واجتماعية بارزة.
الأعمال المسرحية ومسرح الطفل
يُعد الدكتور آل عبد المحسن رائدًا من رواد مسرح الطفل في المملكة والخليج. فقد كان أول من ألف مسرحيّة موجهة للأطفال على مستوى الخليج عام 1390 هـ بعنوان «حكايات جدتي»، أعقبها عمله «حرام حرام» عام 1390 هـ ثم «الكريكشون» عام 1395 هـ. تضم قائمة أهمّ مسرحياته الموجهة للأطفال ما يلي:
• حكايات جدتي «1390 هـ».

• حرام حرام «1390 هـ».
• ملك الغابة «1391 هـ».
• عاقبة الطمع «1391 هـ».
• الفار في الشنوكة «1392 هـ».
• الكريكشون «1395 هـ».
تجاوز عدد مسرحياته الموجهة للأطفال الثلاثين عملاً، وقد نالت أعماله المسرحية رواجًا وإعجابًا كبيرًا. فغالبية مسرحياته حصلت على المركز الأول في مسابقات المسرح المدرسي ومحافل الشباب، واعتُبرت إنتاجات متميزة لدمجها الثقافة المحلية برسائل تربوية جاذبة للأطفال.
المساهمات البحثية والأكاديمية

إلى جانب مسرح الأطفال، برع آل عبد المحسن في مجال البحث التربوي والأدبي. صدرت له مؤلفات متنوعة في التراث الشعبي والتربية وأدب الطفولة، من أبرزها كتاب «الألعاب الشعبية بالقطيف» «1406 هـ»، و«الطب الشعبي في الساحل الشرقي» «1422 هـ»، و«أساسيات أدب الأطفال» «1429 هـ». كما نشر أبحاثًا علمية تناولت موضوعات تربوية ومسرحية، منها دراسة حول «أثر التلفزيون على الأطفال» وأخرى بعنوان «معوقات مسرح الطفل في الخليج». بالإضافة إلى ذلك، ألقى محاضرات وقدم أوراق عمل علمية باللغتين العربية والإنجليزية في مؤتمرات أكاديمية حول التربية ومسرح الطفل.
المشاركات المحلية والدولية
شارك الدكتور آل عبد المحسن في العديد من المهرجانات والمؤتمرات المسرحية محليًا وعربيًّا. في الساحة المحلية، شُيد له احتفاء رسمي في أمسيات ثقافية؛ فعلى سبيل المثال احتفى منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف به عام 1435 هـ «2014 م» باعتباره «رائد مسرح الطفل في الخليج» خلال أمسية بعنوان «أدب الطفل بين المسرح والتربية». كما عرضت مسرحياته في مهرجانات قطر والبحرين وغيرها. دوليًا، كرّمته فعاليات مثل مهرجان الغردقة الدولي للمسرح في مصر بلقب «رائد مسرح الطفل في المملكة العربية السعودية والخليج». ووفق تقارير صحفية، فقد حضر مؤتمرات مسرحية عديدة في الخليج والوطن العربي، وكانت أبحاثه محور نقاش خلالها.
الجوائز والتكريمات
حصل الدكتور آل عبد المحسن على جملة من الجوائز والأوسمة تقديرًا لعطائه في مسرح الطفل. فقد منحه وزير الثقافة والإعلام السعودي الأسبق إياد مدني درعًا تكريميًا خلال مهرجان المسرح السعودي الرابع اعترافًا بريادته المسرحية. وفاز بجائزة الدولة لأدب الطفل عام 2008 م، ونال تكريمًا من وزارة الثقافة القطرية لدوره الثقافي. كذلك كُرّم من قِبل وزيرة الثقافة البحرينية الشيخة مي بنت محمد آل خليفة لمناسبة ريادته مسرح الطفل بالخليج. إضافة إلى ذلك، حصل على عدة أوسمة وشهادات تقديرية من جهات حكومية وثقافية في دول الخليج «عُمان، الكويت، الإمارات وغيرها».

تقييم الوسط الثقافي
تصف الدوائر الثقافية والإعلامية الدكتور آل عبد المحسن بأنه أيقونة علمية وفنية ورائد في مجال تربية الطفل مسرحيًّا. فقد أشاد به باحثون ونقاد على أنه من ”أوائل رواد الفن المسرحي للأطفال على مستوى الوطن العربي“ وصانع الحراك المسرحي الثقافي في السعودية والخليج.
واعتبرته مقالات ومشاركات عدة «رائد مسرح الطفل في الخليج»، مؤكدين أن أعماله تمثِّل إسهامًا تربويًّا وفنيًّا فذًّا. وبهذه الصورة المرموقة، يواصل آل عبد المحسن التأثير في أجيال من الأطفال والمثقفين من خلال الجمع بين الفنون المسرحية وأهداف التربية التنموية.