تسبب المتفطرات السلية أحياناً التهاباً رئوياً مزمناً، وتحدث إصابات رئوية متعددة وتكهفاً وتليفاً في قمتي الرئتين، يصعب تفريقها في البدء عن ذوات الرئة الأخرى، ويجب التفكير بها في اليفعان والشباب وفي كل ذات رئة لا تستجيب للصادات العادية. (يرجع إلى البحث المستقل عن التدرن الرئوي في هذه المجموعة).
الشكل (10) ذات رئة بالرشاشيات
الأعراض والتظاهرات السريرية
بدلت الصادات كثيراً من أعراض ذات الرئة وعلاماتها؛ ولاسيما إذا ما بدئ باستعمالها في بداية الإصابة، وأهم التظاهرات السريرية الشائعة في ذات الرئة الوصفية بالمكورات الرئوية هي من الناحية العملية البدء الحاد الفجائي بعرواءات يتلوها حمى وألم جنبي، وقد يكون البدء خفياً وتدريجياً في ذوات الرئة الأخرى، وتتطور الأعراض خلال بضعة أيام، وغالباً ما تتلو قصة خمج في الطرق التنفسية العلوية يتلوه سعال يكون في البدء جافاً، ثم يصبح منتجاً قشعاً قيحياً قد يحوي خيوطاً مدماة (قشع صدئي). أما الزلة التنفسية فشائعة في التهابات الرئة الشاملة أو في المصابين بآفات رئوية سابقة ولديهم نقص في الوظيفة الرئوية. أما الأعراض الجهازية فتشمل الحمى والقهم والتعب والتخليط الذهني نتيجة نقص الأكسجة مع ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون أو من دون ذلك، وقد يرافق هبوط الضغط؛ ولاسيما في ذوات الرئة الشديدة.
العلامات بالفحص الفيزيائي: زيادة تواتر النفس واحتقان الوجه مع تسرع النبض كما قد تبدو زرقة مركزية، وأكثر الأعراض بفحص الصدر شيوعاً هي سماع الخراخر الرئوية في أحد الجانبين أو في كليهما، كما يمكن سماع التنفس القصبي الرغامي ولاسيما حين وجود التصلد consolidation، وهو ما يعرف بالنفخة الأنبوبية؛ إضافة إلى سماع الاحتكاكات الجنبية كما قد تظهر آفات حلئية على الشفاه.
يعتمد التشخيص على السريريات، ويؤكد بإجراء صورة شعاعية للصدر. ترتفع الكريات البيض؛ ولاسيما في الإصابات الجرثومية كما ترتفع سرعة التثفل، ويجب دوماً إرسال الدم للزرع الجرثومي قبل البدء بإعطاء الصادات، وإرسال عينة من الدم لإجراء الفحوص المصلية، كما يمكن فحص القشع بعد تلوينه بطريقة غرام لكشف الجراثيم المسببة.
ويمكن تعرف أضداد العقديات الرئوية في القشع أو المصل أو البول، ولكن يجب عدم تأخير العلاج بالصادات بانتظار نتائج الزرع.
الشكل (11) ذات رئة بالنوسجات
سير المرض
تتراجع الأعراض السريرية بسرعة خلال 7 - 10 أيام من بدء المعالجة غير أن العلامات قد تستمر لفترة أطول، أما التراجع الشعاعي فيتطلب عدة أسابيع، ويوحي وجود التبدلات الشعاعية لأكثر من 12 أسبوعاً أو نكس ذات الرئة إلى وجود عوامل تشريحية مرضية تستوجب البحث عن سرطانة مستبطنة أو مرض مناعي.
أما أسباب إخفاق المعالجة فيكون تالياً إما لتشخيص غير صحيح كوجود احتشاء رئوي أو تدرن أو ورم قصبي وإما بسبب وجود عصيات مقاومة للصادات المستعملة وإما بسبب حدوث مضاعفة لذات الرئة كتشكل خراجة رئوية أو دبيلة الجنب empyema وتقيحه أو حدوث توسع قصبي أو التهاب سحايا. ويجدر في كل مرّة يصاب فيها المريض بهجمات متكررة من ذات الرئة التفتيش عن العوامل المؤهبة وتقصي وجود آفات رئوية مزمنة أو وجود جسم أجنبي أو ورم أو توسع قصبي أو وجود آفات مريئية كتوسع أو تضيق.
الإنذار
الشفاء هو القاعدة إلا أن نسبة الوفيات بذات الرئة تراوح بين 5 و10%، وتكثر بين اليفعان والرضع نتيجة ضعف الارتكاس المناعي فيهم وانسداد السبل الهوائية بالمفرزات. وقد تكون ذات الرئة الحدث المميت النهائي غالباً لدى المسنين المصابين بأمراض مزمنة بسبب نقص الأكسجة والاضطرابات الوظيفية بسبب تصلد الرئة ووجود نضحة exudate ضمن الأسناخ ونقص المطاوعة.
المعالجة
يجب البدء فوراً بالعلاج في ذات الرئة واختيار الصاد المناسب للوضع السريري استناداً إلى مصدر ذات الرئة وسيرها، فإذا كانت مكتسبة من المحيط تعطى جرعات عالية من البنسلين وريدياً أو يعطى الأرترومايسين أو مشتقاته الحديثة كالأزيترامايسين والكلاريترومايسين أو يعطى الأموكسيسيلين بالمشاركة مع حمض كلافولانيك، وفي حال الاشتباه بوجود ذات رئة بالعنقوديات يعطى الفلوكلوكساسلين flucloxacilln أو الميتيسلين methicillin، وإذا عندت الآفة على العلاج يعطى الڤانكومايسين vancomycin أو التاركوسيد targocid. وإذا ما شك بوجود الداء الفيلقي على أساس وبائي؛ فيعطى الريفامبيسين rifampicin مشاركة مع الأزيترومايسين azithromycine. أما ذوات الرئة المكتسبة في المستشفيات فالمشاركة الدوائية فيها ضرورية لتغطية جميع العوامل الممرضة؛ ولاسيما سلبيات الغرام، فيشارك الجنتامايسين gentamycin والببيراسلين piperacillin أو الجيل الثالث من السيفالوسبورينات cephalosporin.
الشكل (12) ذات رئة بالشعيات
أما ذات الرئة الاستنشاقية التي يحتمل فيها وجود اللاهوائيات؛ فينبغي إضافة الميترونيدازول أو كليندامايسين clindamycin.
وتعالج ذات الرئة بالمتكيس الكاريني -ولاسيما في المصابين بنقص المناعة - بإعطاء مركّبات السلفا الثلاثية المركّبة أو البنتامدين pentamidine.
أما معالجة ذوات الرئة الڤيروسية فتكون داعمة، وقد يخفف إعطاء الأمانتدين amantadine من حدة الأعراض، وكذلك الآدنين أرابنوسايد adenine arabinoside الذي تبين أن له فائدة في معالجة العقبولات البسيطة وذات الرئة بالحماق.
وتعالج ذات الرئة الدرنية بالمشاركة الدوائية الرباعية من ريفامبيسين وأيزونيازيد لمدة 6 أشهر إضافة إلى البيرزاناميد والإيتامبتول خلال الشهرين الأولين.
أما ذات الرئة الفطرية فيعطى فيها الأمفوترسين ب amphotericin (B).
أما المعالجة الداعمة فتتضمن إعطاء الأكسجين؛ ولاسيما حين وجود الزرقة إضافة إلى السوائل الوريدية والأدوية الرافعة للضغط والأدوية المقبضة حين الضرورة، كما أن للمعالجة الفيزيائية ومص المفرزات القصبية والتهوية الداعمة حين الحاجة إضافة إلى إعطاء الموسعات القصبية ومميعات القشع شأناً مهماً في تدبير التهاب القصبات المزمن والنفاخ الرئوي المتضاعفين بذات الرئة.