”ضبابية الفكر“.. السهر يخفض الذاكرة 40% والمهدئات تبطئ النقل العصبي
أكد الأستاذ واستشاري أمراض الكلى، الدكتور سعد الشهيب، أن تشتت التركيز المتكرر لا يُعد ضعفاً في الذاكرة، بل هو بمثابة ”صوت خافت“ من النفس عند تراكم الهموم، وإشارة يرسلها الجسم حين يختل توازنه الداخلي.
وأوضح الشهيب أن العقل البشري آلة دقيقة، ولا يمكنه العمل بإبداع وكفاءة إلا عند تحقيق الانسجام التام بين الهرمونات، وجودة النوم، واستقرار المشاعر، وتوازن الغذاء.
وأشار إلى أن أي خلل في واحد من هذه العناصر الأساسية يؤدي مباشرة إلى تبعثر الأفكار وفقدان التركيز.
وبيّن أن القلق والاكتئاب يتركان أثراً فسيولوجياً مباشراً، حيث يضعفان تدفق الدم إلى الفص الجبهي بالدماغ، وهو مركز القرار والانتباه، بنسبة قد تصل إلى ثلث قدرته الطبيعية.
ووصف الشهيب العقل القلق بأنه ”يفكر كثيراً دون تقدم“، في حين أن العقل الحزين ”يرى الطريق لكنه يفتقد الرغبة في السير“.
وتطرق إلى تأثير السهر الطويل، مؤكداً أنه يرهق الدماغ ويقلل كفاءة الذاكرة. واستشهد بدراسة علمية نشرتها مجلة ”Nature Neuroscience“ في عام 2022، والتي أثبتت أن السهر قد يخفض قدرة الذاكرة بنسبة تصل إلى 40%.
وأضاف أن بعض الأدوية، مثل المهدئات وبعض أنواع المسكنات، قد تلعب دوراً في إبطاء النقل العصبي، مما يسبب ما يُعرف بـ ”ضبابية الفكر“.
وأشار الشهيب أيضاً إلى دور التغيرات الهرمونية، موضحاً أن انخفاض هرمون الإستروجين بعد انقطاع الطمث، على سبيل المثال، يغير كيمياء الدماغ ويؤثر سلباً على التركيز والذاكرة، لافتاً إلى أن هذه الأعراض قابلة للتحسن بالتمارين والعلاج الهرموني الموجه.
وشدد الاستشاري على أهمية التغذية السليمة، مؤكداً حاجة الأعصاب ووظائف الدماغ الماسة إلى فيتامين بـ 12 والجلوكوز، وأن نقص أي منهما يضعف التفكير ويبطئ سرعة الاستجابة.
وأكد على أن التركيز ليس مجرد وظيفة عقلية، بل هو ”مرآة لانسجام الإنسان مع نفسه“. وأكد أنه بالاهتمام بجودة النوم، وضبط الأدوية، وتهدئة القلق، يمكن للذهن أن يستعيد صفاءه الطبيعي.