من الطبيعي أن يعشق المرء وطنه، فمن فضائه استنشق أول أنفاسه — وإن كانت مشوبة بدخان الحياة — فهي التي منحته الوجود.
من نهره تذوّق رشفته الأولى، فعرف طعم الماء العذب وارتوى.
ومن ترابه أكل وشبع، حتى وإن كان غذاؤه من لحاء الأشجار، فقد كان أطيب طعام وأصدق لقمة.
هناك، على تلك الأرض، تعلّم كيف يرى النجوم، وكيف يحلم بأن يبلغها.
كان القمر صديقه، يضيء له وحده، فيراه بعينٍ لا تشبه أعين الآخرين — بعين الفكر والدهشة والصفاء.
ومن تلك البقعة من الأرض كان يستيقظ مع زقزقة العصافير، يستنشق هواء الفجر النديّ، ويتعلّم أن يكون جزءًا من الكل، مهما اختلفت الألوان وتباينت الأهداف — فالفجر واحد، مهما طال ليله.
هكذا علّمتُ أولادي حب الوطن، فكيف لي أن أنزعهم من وطنٍ وُلدوا على ترابه، وتشربت أرواحهم بما وهبهم من خيرٍ وأمان؟
وطنٌ منحني الطمأنينة، واحتضن أطفالي بحنان، علّمني معنى العطاء لأجل أن أُمنح.
فالوطن ليس سياسةً ولا أشخاصًا، وليس دينًا ولا أنبياء.
الوطن هو الرحم الذي تكوّنتُ وولدتُ منه، هو البداية التي لا تنتهي،
والمأوى الذي أعود إليه كلما ابتعدتُ، ولو بخطوات قلبي.
العراق حبي الخالد![]()





الوطن… البداية التي لا تنتهي
رد مع اقتباس

