صانع أحذية في الموصل يضع اللمسات الأخيرة على حذاء جلدي قبل وصوله إلى صالة العرض (آرام حكيم/ المنظمة الدولية للهجرة)
الموصل، العراق- في الأزقة الضيقة للموصل القديمة، التي كانت يوما قلبا نابضا لصناعة الأحذية في العراق، عادت ورش العمل لتدب فيها الحياة من جديد.
بعد سنوات من الصراع والدمار، يعمل حرفيون مثل سعد عبد العال (58 عاما) على إحياء تقليد يعود تاريخه إلى أكثر من ألف عام.
ازدهرت صناعة الأحذية في العراق، المعروفة بـ"القندرجية"، خلال فترة الخلافة العباسية (الدولة الإسلامية الثالثة التي حكمت بين عامي 750 و1258 ميلادي)، عندما كانت بغداد مركزا عالميا للتجارة والثقافة.
كرّست أجيال من العائلات حياتها لتحويل الجلود الخام إلى أحذية متينة، وتوارثت مهاراتها من المعلم إلى المتدرب.
قبل الحرب، كانت العاصمة بغداد تضم أكثر من 250 مصنعا، بينما كانت الموصل تفتخر بوجود أكثر من 50 مصنعا. كانت الأحذية العراقية الصنع تُقدّر لأناقتها ومتانتها، وكانت رمزا للفخر الوطني.
عبد العال وجد ورشته مدمرة بعد عودته إلى الموصل (المنظمة الدولية للهجرة)
يقول عبد العال، ويداه سريعتان وثابتتان وهو يقص قطعة من الجلد: "بدأ عملنا منذ أكثر من 40 عاما. تعلمت المهنة، وأحببتها، ولم أتركها قط".
كاد هذا التقليد العريق أن يختفي عام 2014، عندما استولى تنظيم داعش (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام) على الموصل. قُصفت الورش والمصانع، أو نُهبت، أو هُجرت.
فقد عبد العال كل شيء: معداته، ومتجره، وعماله. يتذكر قائلا: "قصف، ودمار! لم يكن هناك مال حتى للتفكير في البدء من جديد".
بنهاية الحرب، تقلص عدد مصانع الموصل البالغ 50 مصنعا إلى أقل من 10. وأصبح آلاف صنّاع الأحذية عاطلين عن العمل، ومهاراتهم مهددة بالزوال.
جاءت نقطة التحول مع "صندوق تنمية المشاريع- تعمير" التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الذي قدم منحا وتدريبا لأصحاب المشاريع النازحين والعائدين.
يدا سعد عبد العال لا تزالان سريعتين ودقيقتين بعد أكثر من 4 عقود في صناعة الأحذية (آرام حكيم/ المنظمة الدولية للهجرة)
بالنسبة إلى عبد العال، كانت هذه فرصة لشراء آلات الخياطة والكبس، وإعادة فتح ورشته، وتوظيف عمال.
يقول: "الأمر ليس سهلا، لكننا نتقدم شيئا فشيئا".
اليوم، ينتج عبد العال نحو 4 أزواج من الأحذية يوميا، وهو عدد أقل من السابق، لكنه كافٍ للحفاظ على استمرارية عمله. المنافسة من الواردات الرخيصة شرسة، لكنه يصر على أن الحرفية العراقية لا تزال تتمتع بميزة.
يقول عبد العال إن "أحذيتنا من الجلد الأصلي؛ إنها تدوم. قد تبدو الأحذية المستوردة جذابة بصريا، لكنها تفتقر إلى الجودة".
ويضيف "على النقيض من ذلك، فإن الأحذية التي يتم إنتاجها في مصنعي تشبه بصريا الأحذية المستوردة، لكنها تقدم جودة فائقة"، ويختم بقوله "هذا ما يجعلنا فخورين".
بنهاية الحرب، تقلص عدد مصانع الأحذية في الموصل البالغ 50 مصنعًا إلى أقل من 10، مع ترك آلاف صنّاع الأحذية عاطلين عن العمل ومهاراتهم مهددة بالزوال (آرام حكيم/ المنظمة الدولية للهجرة)
المنافسة من الواردات الرخيصة شرسة، لكن عبد العال يصر على أن الحرفية العراقية لا تزال تتمتع بميزة (آرام حكيم/ المنظمة الدولية للهجرة)
كل زوج من الأحذية يستغرق ساعات من العمل الدقيق: القص، والخياطة، والتشكيل، والتلميع (آرام حكيم/ المنظمة الدولية للهجرة)
كل زوج من الأحذية يعكس ساعات من العمل الدقيق في ورشة عبد العال بالموصل (آرام حكيم/ المنظمة الدولية للهجرة)
الحرفيون يقومون بقص ولصق الجلد يدويا قبل خياطة الأحذية (آرام حكيم/ المنظمة الدولية للهجرة)
العامل أحمد الحاج غانم يقص الجلد بعناية، وهي مهارة أتقنها على مدى عقد من الزمان (آرام حكيم/ المنظمة الدولية للهجرة)
مصنع سعد للأحذية الجلدية من بين الموردين الرئيسيين للأحذية العراقية الصنع للموصل والمحافظة الشمالية (آرام حكيم/ المنظمة الدولية للهجرة)
عبد العال يقوم بفحص الجودة النهائي لحذاء جلدي قبل وصوله إلى السوق (آرام حكيم/ المنظمة الدولية للهجرة)





صنّاع الأحذية في العراق يحيون حرفتهم العريقة











رد مع اقتباس