النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

هل انت مغبون؟

الزوار من محركات البحث: 6 المشاهدات : 65 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    مراقبة
    أفانين القلب
    تاريخ التسجيل: September-2016
    الدولة: Qatif ، Al-Awamiya
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 24,662 المواضيع: 9,072
    صوتيات: 139 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 31483
    مزاجي: متفائلة
    المهنة: القراءة والطيور والنباتات والعملات
    أكلتي المفضلة: بحاري دجاج ،، صالونة سمك
    موبايلي: Galaxy Note 20. 5G
    مقالات المدونة: 1

    Rose هل انت مغبون؟

    فيما ورد عن الإمام علي (أو الإمام الكاظم) عليهما السلام أنه قال: «من تساوى (استوى) يوماه فهو مغبون». يُفهم من هذا الحديث الشريف أن من لم يتكامل إلى الأفضل فقد ظلم نفسه، وعليه نود أن نستنير الطريق على بصيصٍ من نور هذا الحديث في معرفة ماهية مبادئ التفاضل والتكامل التي قد درسناها في الرياضيات. نحاول تطبيقها كمنهجٍ في حياتنا اليومية بطريقةٍ عملية، بغية تجنّب الوقوع في حفرة الغُبن وخيبة الحسرة.

    عند الكلام عن التفاضل (الاشتقاق) والتكامل في الرياضيات نتصوّر أننا أمام أبوابٍ يُحرَّم ولوجها لغير المختصين أمثالنا، وأنها لغةٌ بعيدة عن نبض الحياة ومزالقها. غير أن هذا العلم، الذي نشأ أساسًا لفهم حركة الكواكب وتتبع اتجاه السهام والنِّبال وسرعة مياه الجداول والأنهار، يعكس في جوهره حركة الكون نفسها بلهجةٍ رياضيةٍ دقيقة. وهي ملاحظة مقدار التغيّر المستمر والتراكم البطيء في قبالة الزمن. لو تفكّر الإنسان في أعماله اليومية بنفس درجة العمق التي ينظر من خلالها عالم الرياضيات إلى منحنى بياني معقّد، لاكتشف أنه يعيش (أو إن شئت قُل يندمج) ضمن معادلاتٍ حيّة غالبًا ما تكون من صنع يده وصياغته وحياكته وتدبيره وإرادته (بل ومن مونتاجه وإخراجه). إن كل لحظة من عمره تحمل اشتقاقًا جديدًا، وكل عادةٍ يمارسها تخلق تكاملًا يصبّ في صنع وتشكيل ملامح ماضيه وحاله ومستقبله.


    في الرياضيات، التفاضل يُجيب عن هذا السؤال: ما هو مقدار تغيّر تلك الكمية بلحاظ الزمن؟ إنه البرهة التي نرصد فيها الميل، الاتجاه، في سياق منحنى الحركة. نستخدم الرمز الشهير (dx/dt) لنُميّز كيفية تغيّر «النتيجة x» حين يتغيّر «الزمن t» في رمشةٍ من عين الزمن. وفي الحياة العملية، هذه اللحظة هي قرارك أنت الآن: كيف ستتصرّف حين تواجه موقفًا من طفلٍ يحتاج عطفًا؟ أو زميلٍ يحتاج معلومة؟ أو أختٍ تطلب مساعدة؟ فهنا يتجلّى التفاضل النفسي والسلوكي فيك، وعندها نتساءل: كيف ستتغيّر استجابتك في هذه اللحظة الفاصلة من الزمن؟

    أنت تتفاضل عندما تتنبّه لميل اتجاهك اليومي، وتراقب نفسك وتحاسبها قبل النوم وتصحّح منحى ومنحنى سلوكك، وتتساءل: هل أنا في صعودٍ إلى الله أم في هبوطٍ إلى مصائد الشيطان؟ هل ردود أفعالي كانت اليوم أكثر نضجًا من أمس؟ مما كانت عليه قبل شهرٍ، قبل عام؟ هل أضحت قدرتي على التحكم في غضبي اليوم أفضل قليلًا؟ هذه الأسئلة تبدو بسيطة، لكنها تمثّل «مشتقة» لمنحنى حياتك. في المعادلات، إذا كان الميل موجبًا، فإن المنحنى يصبح صاعدًا، وإذا كان سالبًا، فهو الهبوط والنكسة. وهكذا أنت أيضًا، لا تحتاج إلى قفزةٍ هائلة لتكون أفضل؛ يكفي أن يكون ميلك إيجابيًا (ولو قليلًا) لتبشّر نفسك بأنك لا زلت تتقلّب في نعمة الثبات على الصراط المستقيم.

    أمّا التكامل فهو الوجه الآخر للترقي التحصيلي للذات. فكما أن التفاضل يدرس التغيير اللحظي، فإن التكامل يلحظ أثر تراكم التغيّرات الجزئية عبر الزمن. خذ مثالًا عندما يحسب الرياضيون مساحةً تحت منحنى بجمع كل الشرائح اللانهائية الصغر الواقعة تحت ذات المنحنى. أنت بالمقابل تبني حياتك عن طريق جمع اللحظات البسيطة التي لا يراها الناس، والتي على طبقها يتشكّل عمرك. نحن ندعوك هنا لتسنّ العادات الحسنة، ولتتجرّد من العادات السيئة. فعادة خمس دقائق لقراءة القرآن يوميًا ستتكامل عبر الشهور لتصبح معرفةً وهدايةً ونورًا وتوفيقًا وقربًا من الله. قم بمئة خطوةٍ إضافية في نزهةٍ خلال هذا الجو الممتع، فهي لربما لا تمثّل رياضةً كبيرةً مرهقة، ولكنها قطعًا ستتكامل لتنعكس إيجابًا على صحتك. كلمةٌ طيبةٌ تقولها وموقفٌ نبيلٌ تعيشه، بالطبع سيجسر علاقةً متينةً مع صديقك، بينما في المقابل أثر الكلمة القاسية وقد خرجت في لحظة انفعال قد يكون تفاضلًا سلبيًا مريرًا يغيّر اتجاه بوصلة علاقتك مع رحمك.

    دعنا نقترب من مفهوم النهاية لنرى كيف يمكن تطبيقه في حياتنا العملية. الحياة تتحرك وفق حدٍّ رياضي (limit) وهو الاقتراب. أنت تقترب من أهدافك حين تستمر عليها، وبالتالي تبتعد حين تتراخى عنها، وإن كان من غير قصد. كل يومٍ تخسره من عمرك الشريف دون تطويرٍ في مهارةٍ ما فأنت مغبونٌ مظلوم، قد ضحك على ذقنك الشيطان، في تصاغرٍ سلبيٍّ مذموم. على الوجه الآخر فإن الممارسة الحسنة مهما كانت صغيرة تترقّى لتصبح بصيرة فمنهجًا فحكمةً وتنتهي لأن تصبح ملكة. لذا حتى لا نُسيء فهم التكامل والتقارب ينبغي أن لا نستهين بهاتيك الخطوة ولو كانت صغيرة، لا تؤجّل، لا تسوّف، لا تنتظر، بل اعمل: «فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».

    قوانين التفاضل والتكامل ليست حصرًا على العادات الشخصية، فهي تشمل المشاعر أيضًا. الدماغ يعيد تشكيل نفسه عبر تكرار الأفكار والأفعال، من خلال بوابة التكامل العصبي. الابتسامة والكلمة الطيبة تزيد الجانب الإيجابي لدى الإنسان، وتكرارها يتحوّل إلى ملكةٍ إيجابية. وعلى العكس تمامًا فإن تكرار السلوكيات السيئة الخاطئة يُحيلها إلى عاداتٍ يصعب التخلص منها بسبب الترابط العصبي فيها مع الدماغ، فينتج مزاجًا مضطربًا وتوترًا مزمنًا.


    في العلاقات الاجتماعية، التفاضل يتجلّى عبر مهارتك وذكائك في قراءة التغيّر اللحظي لدى الآخر، وفي استيعاب انفعالاته، مرورًا بتحويل لحظة التوتر إلى فرصةٍ للتواصل معه، بعد تفعيل لغة ذكائك العاطفي وقدرتك على الاستيعاب. على الضفة الأخرى فإن التكامل هو تاريخ الثقة، الذي يتراكم عبر تلكم المواقف الصغيرة من حضور مناسبات، وصدق مشاعر، واستماعٍ لهموم الآخرين. العلاقة يا صديقي لا يمكن أن تُبنى من خلال كلمةٍ يتيمة، ولا ينبغي أن تُهدم بسبب موقفٍ طائش، بل إن كلًّا منهما لابد وأن يكون نتيجة تراكماتٍ متلاحقة من المواقف والملابسات.

    في جوّ العمل، التفاضل يعني تطوير مهارةٍ بسيطةٍ على نسقٍ يومي، ويقابله التكامل الذي يتمثل في مجموع المستقبل المهني المتشكّل عبر تراكم هاتيك المهارات والخبرات الطويلة. الموظف الذي يحافظ على بصمته بإحراز إنجازٍ يوميٍّ ولو طفيف، سواء في طريقة التفكير أو التعبير أو التنظيم، هو من يصنع لنفسه مستقبلًا واعدًا متصاعدًا، وإن كان بطيئًا. أمّا (المغبون) فهو الذي يُكرّر يومه بحذافيره، ثابتًا ظاهريًا، لكنه رياضيًا يعاني من منحنى سقيم يميل نحو الانخفاض. تذكّر أن الزمن جزءٌ من المعادلة، ومن يقف في وجهه لابد وأن يتراجع وإن بدا له أنه يتقدّم.

    هذه المبادئ تمنحنا منظورًا واقعيًا ومتفائلًا، والمطلوب هو أن نستمر في مراقبة الميل السلوكي لنضمن كونه إيجابيًا، ثم لنعطي التراكم الفرصة ليبرز بصمته. أنت تتفاضل حين تختار كيفية صياغة وإخراج لحظتك واتجاهك، وعلى طبقه تأخذ قرار التصحيح والضبط والتقويم. ستكون في أوج التكامل حينما تصبر وتثق بأن خطواتك الصغيرة لن تضيع سدى. اجعل «مشتقتك» اليومية إيجابية، ودع «تكاملك» بيد الله سبحانه وتعالى: «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا». وبمرور الأيام، سترى منحنى حياتك يرتفع باضطراد نحو ما تريد أن تكون عليه، ليس من بوابة السحر ولا من خلال لعبة الحظ، بل بنور العلم، وكنتيجةٍ لإعمال العقل، وتفعيل الإدراك والوعي، حتى تصل بجدارةٍ وذكاءٍ عاطفي إلى إتقان الطريقة المثلى للتفاضل على سبيل التكامل

  2. #2
    صديق نشيط
    تاريخ التسجيل: March-2025
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 200 المواضيع: 1
    التقييم: 183
    أكلتي المفضلة: شاورما
    موبايلي: شاومي 2025
    آخر نشاط: منذ 2 يوم
    شكرا على النشر

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال