بعضُ نَفَسٍ من جُنوني
بعضُ نَفَسٍ من جُنوني
وُلِدتُ من السكونِ على سكوني
وناحَ الحرفُ يُخفي بينَ بيني
أُساجلُ في المدى ظِلّي فأحنو
على نفسي كأني من جُنوني
وأبني من هشيمِ الوهمِ بيتًا
يُقيمُ بظلّ صدقي كالمكينِ
أنا ما كنتُ طفلَ الريحِ لكنْ
أقمتُ زمانَها في مقلتيني
فما الشِّعرُ افتخارٌ واعتلاءٌ
ولكنْ أن يُقيمَكَ في شجوني
تُغنّي بي الحروفُ إذا اغتربتِ
وتُدني بي الوداعَ من العيونِ
إذا ما قلتُ للحرفِ استفقْ بي
أجابَ بنبضةٍ: ها أنتِ كوني
أنا العُريانُ من تاجِ افتخارٍ
أريقُ النورَ من جُرحِ الفتونِ
كتبتُ على غيابي ألفَ نفسٍ
وألقيتُ الخلودَ على الغصونِ
فلا ملكٌ أنا في صرحِ ذاتي
ولا عبدٌ، ولكنْ لي يقيني
أنا الآتي، ومنّي كلُّ حرفٍ
سيُولَدُ إن أردتِ ليعرفوني
أنا المعنى إذا اغتربتْ لغاتٌ
رسمتُ نجومَها في راحَتَيْنِ
أنوحُ على الذي نادى ولما
يُجِبْهُ الصمتُ عن سرِّ الحنينِ
أنا الآتي من النونِ استدارتْ
عليَّ الدائراتُ بلا ظنوني
تفيقُ الأرضُ إن مرّتْ خطايا
ويورقُ في المدى وعدُ السنينِ
وإنْ سكنتْ عروقي غيمُ شعرٍ
تنادى الوجدُ عُدْ لي يا معيني

فمن خفقٍ ودمعٍ جئتُ نهرًا
ومن وجعٍ عرفتُ لِمَا عنوني
أنا اللحنُ القديمُ بكلِّ صدقٍ
أنا الحلمُ الذي ما قد نهوني
كتبتُ على الوجودِ قصيدَ بدءٍ
فكانتْ لحظةٌ من “كُنْ” لطيني
ومن نفسِ الخلودِ خُلِقتُ سرًّا
أُجدّدُ كلَّما سَفَرتْ بكوني
أنا الشِّعرُ الذي يحيا لأبقى
كأني بعضُ نَفَسٍ من جُنوني