مقاومة البكتيريا للأدوية
لوحظ ارتفاع معدلات مقاومة حالات العدوى البكتيرية الشائعة، بما فيها حالات عدوى المسالك البولية والإنتان وحالات العدوى المنقولة جنسياً وبعض أشكال الإسهال، للمضادات الحيوية الكثيرة الاستعمال لعلاج حالات العدوى هذه في العالم بأسره، مما يشير إلى أنّ ما لدينا من مضادات حيوية فعالة آخذ في النفاد. وعلى سبيل المثال، تراوَح معدل مقاومة الإشريكية القولونية لمضاد السيبروفلوكساسين الحيوي الشائع الاستعمال لعلاج حالات عدوى المسالك البولية بين ما نسبته 8,4 و92,9٪، بينما تراوَح معدل مقاومة الكلبسيلة الرئوية له بين ما نسبته 4,1 و79,4٪ في البلدان التي تقدم تقارير إلى النظام العالمي لترصّد مقاومة مضادات الميكروبات واستعمالها.
والكلبسيلة الرئوية نوع شائع من البكتيريا المعوية القادرة على التسبّب في حالات عدوى تهدد الحياة، وقد انتشرت مقاومتها لعلاج (بمضادات الكاربابينيم الحيوية) الملاذ الأخير في جميع أقاليم العالم. وتعد الكلبسيلة الرئوية من أهم أسباب حالات العدوى المكتسبة من المستشفيات، مثل الالتهاب الرئوي وحالات عدوى مجرى الدم وحالات العدوى التي تصيب المواليد والمرضى الماكثين في وحدات العناية المركزة. وفي بعض البلدان، لا يُجدي استعمال مضادات الكاربابينيم الحيوية نفعاً في علاج أكثر من نصف المرضى من حالات العدوى الناجمة عن الكلبسيلة الرئوية بسبب مقاومتها للمضادات الحيوية.
وتنتشر على نطاق واسع مقاومة الإشريكية القولونية لمضادات الفلوروكينولون الحيوية التي تُستعمل لعلاج حالات عدوى المسالك البولية.
وهناك بلدان في مناطق كثيرة من العالم أصبح فيها هذا العلاج عديم الجدوى بين أكثر من نصف المرضى.
والكوليستين هو الملاذ الأخير الوحيد لعلاج حالات العدوى المهددة للحياة الناجمة عن مقاومة البكتيريا المعوية بأنواعها للكاربابينيم (أي الإشريكية القولونية، والكلبسيلة، وما إلى ذلك). وكُشف أيضاً عن بكتيريا مقاوِمة للكوليستين في العديد من البلدان والأقاليم، مما أسفر عن ظهور حالات عدوى لا توجد مضادات حيوية فعالة لعلاجها في الوقت الحاضر.
وتشكل بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية جزءاً من نبيت جلدنا، وهي أيضاً من الأسباب الشائعة للإصابة بالعدوى في صفوف المجتمعات المحلية ومرافق الرعاية الصحية على حد سواء. ومن المرجح أن يتعرّض المصابون بحالات العدوى ببكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين للوفاة أكثر من المصابين بحالات العدوى الحساسة للأدوية بنسبة 64%.
وأُدرج في عام 2019 مؤشر جديد عن مقاومة مضادات الميكروبات في إطار رصد أهداف التنمية المستدامة، وهو مؤشر يرصد مدى تواتر حالات عدوى مجرى الدم الناجمة عن الممرضيْن التاليين المقاوميْن لأدوية محددة: المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين؛ والإشريكية القولونية المقاومة للجيل الثالث من السيفالوسبورين. وقُدمت في عام 2019 إلى النظام العالمي لترصد مقاومة مضادات الميكروبات واستعمالها بيانات من 25 بلداً وأرضاً ومنطقة عن حالات عدوى مجرى الدم الناجمة عن المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين، كما قُدمت إليه بيانات من 49 بلداً عن حالات عدوى مجرى الدم الناجمة عن الإشريكية القولونية. ومع أن البيانات لا تعدّ تمثيلية على المستوى الوطني بعدُ، فإن المعدل المُلاحظ في المتوسط لمقاومة المكورات العنقودية الذهبية للميثيسيلين بلغ 12,11% (المدى بين الرُبعي 6,4-26,4)، ومعدله بالنسبة إلى الإشريكية القولونية المقاومة للجيل الثالث من السيفالوسبورين بلغ 36,0% (المدى بين الرُبعي 15,2-63,0).
وبات التدبير العلاجي لداء السَيَلان ومكافحته معرضاً للخطر بفعل انتشار مقاومة النيسرية البُنّية بسلالاتها المتبانية للغاية للأدوية على نطاق واسع. وسرعان ما ظهرت مقاومة السلفوناميدات والبنسلين والتتراسيكلين والماكرولايدات والفلوروكينولونات والجيل الأول من السيفالوسبورين. ويمثل حالياً حقن السيفالوسبورين والسيفترياكسون الواسع الطيف العلاج التجريبي المتبقي الوحيد لداء السيلان في معظم البلدان.