أنا والليلُ والقَمَر..
حكايةٌ يتلوها السهَر
وبعد، صديقتي العزيزة، وأنتِ جديرة بهذا اللقب لأنَّ الصداقة أسمى مراتب المودّة،
لم أعد أكترث بشيء، ولا أبالي كما كنتُ في الماضي.
حتى نارُ الشوق التي كانت تلتهب في قلبي، خبت شيئًا فشيئًا، ثم انطفأت، لتترك خلفها فقط دخانًا وذكريات.
ولا أقصد بذلك أنني لا أشتاق، بل ما أعنيه هو أنني أصبحتُ مجرد كتلة من الحجارة التي يكسوها القليل من اللحم والدم.
في البداية، كنت أخشى رائحة السيجارة، خوفًا من أن يشتمَّها أحد.
أما الآن، وبعد مرور الوقت، أصبحتُ أشعل سيجارتي في كل مكان، إلا في الأماكن الرسمية الخاضعة للمراقبة والسلطة.
ربما تسألينني لماذا؟ لكنني لا أستطيع أن أجيبك على هذا السؤال، لأنني ببساطة لا أدري.
هذه "اللا أدري" هي نقطة انطلاقنا في الحياة، وهي في الوقت ذاته محطتنا الأخيرة.
كم هو جميل أن يسلك الإنسان طريق "اللا أدري" بدلاً من التفلسف والتمنطق والبحث عن المعرفة الكامنة تحتَ الأرض أو تحتَ البحار!
ماذا يحقق الإنسان إذا اكتشف طريق المعرفة؟
لا شيء سوى الألم، لأن المعرفة ليست سوى شظايا تتناثر في عقل الإنسان ، ألا ترين كيف أن المجانين هم أكثر الناس سعادة؟
لماذا؟ لأنهم ببساطة لم ينشغلوا بتفاهات هذا العالم، ولم يسعوا وراء الحقيقة والمعرفة التي لا نهاية لها.
كل شيء أمامهم بلا أهمية؛ لا يهتمون بشيء.
أيتها الصديقة العزيزة،
أن أكون مجنونًا في عالم المجانين،
أفضل لي بكثير من أن أكون عاقلًا في عالم الحمقى.






رد مع اقتباس