النتائج 1 إلى 7 من 7
الموضوع:

أمّ الديفان” بين الأسطورة والمدلول النفسي

الزوار من محركات البحث: 8 المشاهدات : 187 الردود: 6
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    مراقبة
    أفانين القلب
    تاريخ التسجيل: September-2016
    الدولة: Qatif ، Al-Awamiya
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 25,112 المواضيع: 9,041
    صوتيات: 139 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 32367
    مزاجي: متفائلة
    المهنة: القراءة والطيور والنباتات والعملات
    أكلتي المفضلة: بحاري دجاج ،، صالونة سمك
    موبايلي: Galaxy Note 20. 5G
    مقالات المدونة: 1

    أمّ الديفان” بين الأسطورة والمدلول النفسي


    “أمّ الديفان” بين الأسطورة والمدلول النفسي – بقلم صادق علي القطري
    إلى أولئك الذين أثقلهم الضجيج الداخلي، ولم يعودوا يفرّقون بين الحلم والواقع، بين الصواب والالتباس…
    إلى من لمسوا وجوههم ذات ظهيرةٍ حارّةٍ وشعروا أنهم غرباء عن أجسادهم، كأنّ شيئًا خفيًا مرّ بهم ثم غاب…
    إليكم هذه الحكاية:


    الظلّ الذي يسكن المجالس:
    في الذاكرة القطيفيّة، “أمّ الديفان” ليست اسمًا عابرًا، بل كائنٌ يعيش في الحكاية، على حافة الضوء، بين الوعي والخيال. كانت الأمهات يردّدنها كما يردّدن التحذير: “إياك تسهر عند الديفان بعد الفجر، تضربك أمّ الديفان!” تلك المرأة الغامضة، البيضاء الملامح، المبتلّة الشعر، التي تظهر في زوايا المجالس حين يغيب الانتباه وتبهت الأرواح، كانت رمزًا للغفلة، وصورةً مجازيةً لفقدان الاتزان. يقال إنها لا تأتي لتؤذي، بل لتذكّر الإنسان بأنّ للعقل طاقته، وللجسد حدودًا، وأنّ من يستهين براحته يُصاب بـ “ضربتها”, رجفةٌ، دوار، ذهولٌ مؤقت، ضياعٌ داخليّ يشبه التيه بين اليقظة والحلم.
    من الخرافة إلى المعنى:
    حين نُمعن النظر، ندرك أن “أمّ الديفان” لم تكن سوى استعارةٍ ذكيةٍ نسجها الوجدان الشعبيّ ليعبّر عن أمراضٍ لم يكن للناس اسمٌ علميّ لها: الإرهاق، الضغط الحراري، أو الإجهاد الذهنيّ الناتج عن القلق والتفكير الزائد. ففي زمنٍ لم تُعرف فيه المصطلحات النفسية، كان الإنسان يفسّر الغموض بلغةٍ تليق بعالمه الروحيّ: حالةٌ من الوهن صاغها الخيال في هيئة امرأةٍ من الظلال. وكانوا يروونها كأنها حكمةٌ: “من يجهد نفسه في القيظ، تضربه أمّ الديفان”. “ومن يحمّل فكره أكثر مما يحتمل، تزوره في المنام”.
    إنها إذن ليست شيطانةً ولا روحًا شريرة، بل رمزٌ إنسانيّ لِما يحدث حين يتجاوز الإنسان حدود طاقته. حين ينهكه الحرّ، أو يثقله الهمّ، أو يرهقه التفكير، يختلّ إدراكه، وتضيع المسافة بينه وبين ذاته. في تلك اللحظة، يولد “الضياع”، وتظهر أمّ الديفان من قلب الإجهاد لتقول بصوتٍ خفيّ: تمهّل، لقد تجاوزت نفسك.


    بين العلم والأسطورة:
    تُشبِه “أمّ الديفان” في لغتنا اليوم ما يسمّيه الطبّ “الإرهاق العصبي” أو “اختلال الوعي المؤقت”، حين ينهار توازن الحواسّ بسبب الحرّ أو الجوع أو القلق. حيث الجمال في التعبير الشعبيّ أنه لم يُفرّغ المعنى من روحه. فبينما يقدّم العلم وصفًا فيزيولوجيًّا باردًا، ظلّ اللسان الشعبيّ يكسو الحالة بملمسٍ وجدانيّ: كأنّ الروح ذاتها تُصاب بالتعب قبل الجسد، فتتسلّل إليها “أمّ الديفان” لتربكها، وتعيدها إلى وعيها بعد زلّة.
    وجه آخر للضياع:
    في الاستخدام المجازيّ اليوميّ، ما زال الناس يقولون: “كأنّ أمّ الديفان ضاربته!” حين يرون شخصًا متعبًا، شارداً، تائهاً في أفكاره، يضحك ولا يعرف على ماذا، أو يحدّق ولا يرى شيئًا. لكن خلف المزاح الشعبيّ يبقى صوت الحكمة القديمة: أن الإنسان هشّ، وأنّ عقله يحتاج إلى راحةٍ كما يحتاج جسده إلى ظلّ. فـ”أمّ الديفان” لم تكن إلا مرآةً تعبّر عن ضعفنا البشريّ حين نرهق أنفسنا حتى نضيع.
    الأسطورة التي وعَت نفسها:
    ربما كانت “أمّ الديفان” أوّل من نبّهت الإنسان البسيط إلى أنّ الضياع النفسيّ ليس جنونًا، بل نداءُ الجسد حين يطلب راحةً من ضوضاء العالم. فيها يلتقي الطبّ الشعبيّ بالحكمة الفطرية، والأسطورة بالواقع. إنها تُذكّرنا أن الضياع أحيانًا رسالة، وأنّ الارتباك ليس ضعفًا بل إشارةٌ إلى ضرورة التوقّف، واستعادة التوازن.
    وفي الختام:
    تغيب الشمس على قرى القطيف، وتبقى الحكاية. لم تعد أمّ الديفان تظهر في الظلال، بل في أذهاننا حين يثقلنا الإرهاق ونفقد التركيز. هي اليوم اسمٌ لحالةٍ يعيشها كل إنسان حين تتوه بوصلته بين الجسد والروح. وما تزال الحكاية القديمة تهمس لنا، كما كانت تفعل الأمهات منذ زمن:
    “إن أتعبك النهار، لا تسهر على الديفان… فالعقل إذا أرهق، تُمسّه يدٌ لا تُرى”.


    المهندس صادق علي القطري

  2. #2
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: November-2025
    الدولة: في كل مكان.
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 857 المواضيع: 2
    التقييم: 2242
    مزاجي: متقلب.
    المهنة: Dentist
    أكلتي المفضلة: الأخضر واليابس ^_*
    موبايلي: Samsung S25 ultra
    آخر نشاط: منذ 48 دقيقة
    صايرة تخوفين انتِ ومواضيعج

  3. #3
    مراقبة
    أفانين القلب
    هههههههههه أساطير حلوة بالقطيف نورتِ بحضورك الرائع

  4. #4
    ثامر الحلي
    الغروب
    تاريخ التسجيل: March-2015
    الدولة: العراق
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 5,240 المواضيع: 141
    صوتيات: 48 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 7381
    مزاجي: مستيقظ
    المهنة: أديب وكاتب
    موبايلي: Galaxy S21 Ultra
    مقالات المدونة: 1
    الموروث الشعبي جذوره ممتدة وتتفرع الى ثقافات عديدة على إمتداد شعوب المعمورة . وتنسج الحكاوي بكثافة في الشرق الأوسط وليس بغريب عنه مادام ساحراٌ ولكل مثل مدلولاته .
    شكرا لنقل الحكاية وللمؤلف

  5. #5
    مراقبة
    أفانين القلب
    نورت عمو ثامر بحضورك الجميل

  6. #6
    سفير السلام ..مراقب عام
    مستشار قانوني
    تاريخ التسجيل: April-2020
    الدولة: العراق.. الديوانية
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 27,662 المواضيع: 1,643
    صوتيات: 2 سوالف عراقية: 4
    التقييم: 54684
    مزاجي: مبتسم
    المهنة: الحقوقي
    أكلتي المفضلة: الباجه.. الكباب.. سمك مشوي
    موبايلي: هواوي =Y9 مع ريل مي 51
    آخر نشاط: منذ 2 ساعات
    مقالات المدونة: 3
    شكرا جزيلا لك

  7. #7
    مراقبة
    أفانين القلب
    نورتِ عمو المستشار بحضورك الكريم

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال