الخطــــــــــــأ العقـــــــــــــــــــــ ــــدي :

تعريفه ------à هو انحراف إيجابي أو سلبي في سلوك المدين يؤدي إلى مؤاخذته ، ومعيار الانحراف هو سلوك المدين مسلك يختلف عن مسلك الشخص العادي وهذا المعيار أخذته به المادة 358/ 1 مدني أردني..ومعنى ذلك عندما أريد معرفة ما إذا كان المقاول قد اخل بالتزامه يجب علي قياس مسلكه على مسلك مقاول آخر يعني بأمور نفسه ، وهكذا في حال الطبيب لكي اعرف أن الطبيب قد أنحرف في مسلكه يجب علي قياسه بطبيب من نفس درجته (الشخص العادي) فإذا كان الطبيب أخصائي يقاس على مسلك طبيب أخصائي آخر ولا يقاس على طبيب عام ....مع ملاحظة ، أن الأصل في المسؤولية العقدية هي افتراض وقوع الخطأ من جانب المدين (أي خطئه مفترض الوقوع يعني الأصل أنه قد قام بخطأ لأن خطئه قرينه لعدم تنفيذ العقد ، بمعنى لولا هذا الخطأ لنفذ العقد ، وطالما أن العقد لم ينفذ إذاً هناك خطأ عقدي من جانب المدين) فقد يكون هذا الخطأ منع من تنفيذ الالتزام كاملاً أو جزء منه أو تأخر في تنفيذه ، ولا يستطيع المدين نفي افتراض الخطأ عن نفسه إلا إذا اثبت أن عدم تنفيذ العقد كان راجع لسبب أجنبي لا يد له فيه .

س: هل الخطأ العقدي فقط يقع من المدين نفسه ؟
ج: لا ، فقد يقع الخطأ العقدي من المدين نفسه ، وقد يقع من شخص آخر يسأل عنه المدين ، أو من شيء في حراسة المدين ، وفي جميع الحالات تقوم مسؤولية المدين ....وسوف أتناول شرحها على النحو التالي :

أ)- الخطأ العقدي في مسؤولية العاقد المدين عن فعله الشخصي :
قلنا في ما سبق أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه هو قرينه مفترضه على قيام الخطأ العقدي من جانبه ، لكن ما يهم هو ، مشكلة إثبات الخطأ العقدي في جانب المدين ، والحقيقة أن هذا الأمر في غاية السهولة ، والسبب أنه عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه يفترض فيه الخطأ العقدي وهذا هو الأصل أو المبدأ العام ، إلا أن الفقه القانوني لا يأخذ بهذا الأصل على أطلاقه بل يبحث في نوع التزام المدين ( هل هو التزام بتحقيق نتيجة أو ببذل عناية) ، فإذا كان التزام المدين بتحقيق نتيجة فأن خطئه العقدي مفترض ولا يحتاج الدائن إلى إثباته ، أما إذا كان التزامه ببذل عناية فإن الدائن عليه عبء إثبات خطأ المدين والمتمثل بعدم قيامة بالعناية المطلوبة منه في تنفيذه للعقد ، وفي كل الأحوال لكي يعفى المدين من المسؤولية يجب عليه أثبات العكس ( إي إقامة الدليل على وجود السبب الأجنبي) .

س: ما معنى الالتزام بتحقيق نتيجة ، والالتزام ببذل عناية ؟
ج : يقصد بالالتزام بتحقيق نتيجة ، أي أن يقوم المدين بتحقيق الهدف الذي قام العقد من أجله ، ودائماً ما يتمثل في شكل مادي ملموس ، ومثاله عقد البيع فتحقق النتيجة فيه هو تسلم المشتري للمبيع ، وفي عقد النقل وصول البضاعة إلى التاجر وهكذا وعليه إذا قصر المدين دون بلوغ هذا النتيجة كان الخطأ مفترض في جانبه ولا يحتاج الدائن إلى إثباته ، أما الالتزام ببذل عناية فيقصد فيه قيام المدين ببذل الجهد والعناية الفائقة المطلوبة منه من أجل تنفيذ العقد ، ومثاله عقد الوديعة يجب على المودع عنده الحفاظ على الوديعة وبذل العناية المطلوبة في ذلك ، وكذلك الطبيب الأصل في التزامه بذل العناية الفائقة مع المريض دون تحقيق النتيجة وهي الشفاء لأن الشفاء بيد الله ، ولكن هناك التزام للطبيب قد يكون في تحقيق نتيجة ، كالطبيب في عمليات التجميل فالتزامه يكون بتحقيق نتيجة وليس فقط ببذل العناية ، فلا بد أن يجد المريض نتيجة ملموسة من عمل الطبيب ( كتعديل أنفه بما اتفق عليه أو إزالة البقع من الجلد وهكذا) وعليه إذا قصر المدين بعدم تقديمه العناية المطلوبة وبذل الجهد في ذلك يكون قد قصر واخطأ لكن هذا الخطأ لا يقوم بحقه إلا بعد إثباته من الدائن ، مع ملاحظة أن المعيار العام في الالتزام ببذل عناية هو معيار الشخص العادي كما سبق وذكرنا .

ب)- الخطأ العقدي في المسؤولية عن فعل الغير :

مفهومه ------à الغير هنا يقصد به هو الذي يحل محل المدين في تنفيذ التزامه ويكون ذلك أما بتكليف المدين له بتنفيذ الالتزام بعد أذن الدائن أو كان التكليف بنص قانوني كما هو الحال بالنسبة لمسؤولية الصغير أو المحجور عليه عن خطأ الولي أو الوصي أو القيم في تنفيذ العقود التي عقدوها لحسابه.

صورته-----à تكون مسؤولية المدين عن فعل الغير قائمه إذا قام هذا الغير بفعل نتج عن ضرر للدائن ، ومثال المقاول في الباطن إذا قام بفعل نتج عن ضرر فإنه بهذا الفعل يكون المقاول الأصلي مسئولا أمام الدائن فعل غيره (المقاول في الباطن) ....وكذلك الحال إذا تعاقد طبيب مع مريض في عيادته الخاصة وقامت الممرض بحق المريض بحقنه نتج عنه أعاقته، هنا يكون الطبيب مسئولا عن فعل الممرضة (الغير) تجاه المريض.

شروطه -------à يشترط لقيام مسؤولية العاقد عن فعل الغير :
أن يكون هناك عقد صحيح بين المدين وهو المسئول وبين الدائن وهو المضرور كعقد علاج أو عقد إيجار أو مقاولة ، فإذا لم يكن هذا العقد صحيحاً ترتب عليه الحكم ببطلانه وبالتالي زواله بأثر رجعي ، والسؤال هنا : هل نكون أمام مسؤولية عقدية ؟ وإذا لم نكن أمام مسؤولية عقدية هل ينجو العاقد المدين عن الجزاء نتيجة للضرر الذي لحق بالدائن ؟؟ الجواب ، لا شك لا نكون أما مسؤولية عقدية لأن من شروط قيامها وجود عقد صحيح ، ولكن لا يمكن للمدين الذي احدث الغير التابع له ضرر للدائن أن ينجو من الجزاء ، بل يطالب بالتعويض عن طريق المسؤولية التقصيرية .
أن يتولي غير المدين تنفيذ التزام المدين بناء على نص في القانون كما هو الحال بالنسبة للنائب القانوني أو بناء على اتفاق مع المدين كما هو الحال في عقد المقاولة من الباطن إذا يكون المقاول الأصلي مسئولا تجاه رب العمل عن أعمال المقاول من الباطن ، وكذلك الحال في الطبيب والممرضة في مثالنا السابق.

ملاحظة هامة : إذا تحققت مسؤولية المدين العقدية عن فعل الغير تجاه دائنه ، كان للمدين عند قيامه بتعويض الدائن ، الرجوع على الغير لمطالبته بما دفعه ويكون ذلك الرجوع اما على أساس المسؤولية العقدية إذا كان قد كلفه بتنفيذ العقد ، أو على أساس المسؤولية التقصيرية إذا كان الغير قد قام بتنفيذ العقد بدون تكليف من القانون.

ج)- الخطأ العقدي في المسؤولية عن الأشياء :

الأصل في المسؤولية عن الأشياء هو تطبيق قواعد المسؤولية عن الخطأ الشخصي عليها ، إلا إذا وجد نص قانوني في شأن المسؤولية عن فعل الأشياء ومثالها نص المادة 686 /1 والتي نصت على ضمان المؤجر للمستأجر ما يوجد في العين المؤجرة من عيوب تحول دون الانتفاع بها فوفقاً لهذا النص يسأل المؤجر عن الضرر الذي يحلق بالمستأجر من فعل العين المؤجرة كما لو انهار سقف الدار لوجود عيب خفي فيه فأصاب منقولات المستأجر بالتلف ويكون أساس هذه المسؤولية ليس فعل المؤجر الشخصي بل فعل الأشياء (يوجد في الكتاب خطأ مطبعي ص238 والتصحيح فعل الأشياء لا فعل الغير) .

2) – الضــــــــــــــــــــــ ـــــــــــرر :

هو الركن الثاني من أركان المسؤولية العقدية ، إذا تقوم المسؤولية بوجوب تعويض المضرور عما لحقه من ضرر ، والضرر قد يكون مادي ( وهو الذي يصيب الشخص في ذمته المالية أو جسمه) وقد يكون الضرر أدبي ( وهو ما يصيب الشخص في حساسيته كألم أو في شعوره كخدش الشرف أو عاطفته كفقد عزيز عليه) ، وقد يختلط الضرر الأدبي بالمادي ( كحال الممثلة إذا قام مصفف الشعر بقص شعرها بطريقة لا تتوافق مع مظهرها) ، ولكي يطالب الدائن المضرور بالتعويض عن الضرر سواء كان مادي أو أدبي لابد أن يكون (الضرر محققاً ويكون الضرر محققاً أي إذا كان حالاً أي وقع فعلاً أو يكون مستقبلاً ) ...فإذا كان محقق الوقوع فيجب التعويض عنه ولا يتعين في هذه الحال انتظار وقوعه لرفع دعوى المسؤولية المدنية ومثاله (إذا تعاقد صاحب مصنع على استيراد خامات سيحتاج إليها بعد نفاذ مخزنه منها ، فإذا لم ينفذ المدين التزامه ، كان لصاحب المصنع الرجوع عليه بتعويض ما سيصيبه من ضرر مستقبلي ، لأنه ضرر محقق الوقوع) ...أما إذا كان الضرر محتمل الوقوع أي قد يقع وقد لا يقع في المستقبل فأنه لا مجال للمطالبة عنه في الحال ، بل يجب الانتظار حتى يتحقق (كحال المسافر الذي أصيب في حادث تصادم ، فالإصابة ضرر محقق يعوض عنه في الحال ، أما ما قد ينشأ عنها من فقد عضو في جسده فهو ضرر محتمل ، ولذا فلا يعوض عنه إلا إذا تحقق هذا الضرر أي تحقق بتر رجله أو يده).

ويرتبط بالضرر المحتمل ما يسمى (بفوات الفرصة)، ويقصد بها ضياع فرصة كسب محقق للدائن، ومثالها لو تأخر الناقل في نقل جواد من جياد السباق وترتب على ذلك عدم اشتراكه في السباق وضياع فرصة كسب الجائزة على صاحبه...ففي هذه الحالة يجب أن يكون تقدير التعويض عن فوات الفرصة متوافق مع احتمال نجاح الدائن في الفرصة التي فاتته.

وما يهم حقيقة في موضوع الضرر: هو عبء إثبات الضرر ؟ ، نقول أن الأصل في الإثبات يكون على عاتق الدائن لأنه يدعيه وعليه لا يكفي إثبات عدم تنفيذ المدين لالتزامه ولو كان التزاماً بتحقيق نتيجة لافتراض وقوع الضرر ، لأنه قد لا ينفذ المدين التزامه ومع ذلك لا يصيب الدائن أي ضرر ومثاله : الناقل الذي تأخر في نقل جواد من جياد السابق ثم تبين بعد ذلك أن السباق قد تم تأجيله فهنا لم يصب صاحب الجواد أي ضرر من جراء عدم قيام الناقل بتنفيذ التزامه ، ومعنى ذلك أن الإثبات في الضرر يكون على عاتق الدائن ويجيب أن يثبت وقوع الضرر فعلاً ...لكن المشرع الأردني قد استثنى من هذه الأصل (أي وجوب أثبات الدائن لما لحقه من ضرر من جراء عدم تنفيذ المدين لالتزامه) أمران هما: ( هنا استثناء على القاعدة العامة في الإثبات وهي أن البينة على من ادعى)

* فوائد الديون، لا يشترط لاستحقاقها أن يثبت الدائن أن ضرراً قد أصابه كما لا يجوز للمدين إثبات انتفاء الضرر للتخلص من فوائد التأخير عن سداد الدين.
* الشرط الجزائي أو ألاتفاقي ، يكون على الدائن والمدين كلاهما (إثبات ما يدعيه) فإذا ادعى الدائن أن التعويض المتفق عليه اقل من الضرر الحاصل فعليه إثبات ذلك ، وإذا ادعى المدين أن التعويض المشروط المتفق عليه اقل من الضرر الحاصل فعليه أثباته .....ملاحظة: يقصد بالشرط الجزائي هو اتفاق الدائن والمدين في العقد على انه إذا اخل احدهم بالتزامه يكون التعويض مقدراً بينهما بنسبة معينة.

ملاحظة : الضرر في الفقه الإسلامي والقانون المدني ص 246 يرجى قراءتها على الرغم بأنني قد تناولت الضرر في القانون المدني والموضوع الموجود في ص246 هو في الفرو قات بينهما .


3) – عـــــــــــــلاقة السببيـــــــــــــــــــ ــــة :

لا يكفي لقيام المسؤولية المدنية بشقيها (العقدية والتقصيرية) إلا بوجود ركن ثالث هو العلاقة السببية بين الخطأ والضرر ، أي بين فعل المدين والضرر الذي أصاب الدائن ، بمعنى أنه لولا هذا الخطأ من جانب المدين ما كان هناك ضرر يصيب الدائن وعليه فهي حلقة الوصل بينهما ، كما أن نفي علاقة السببية هذي هي (طوق النجاة) للمدين لكي يتسنى له الهروب من التعويض ولا يكون ذلك إلا بقطع العلاقة السببية التي تربط الخطأ بالضرر ، ولا يكون ذلك إلا بإثبات أن الضرر قد نتج عن سبب أجنبي لا علاقته له فيه.

واثبات علاقة السببية كركن من أركان المسؤولية العقدية ، يخضع للقواعد العامة بمعنى انه يكون على المدعي (أي الدائن) إثبات ما يدعيه من أن الضرر اللاحق به نتيجة لخطأ المدين في عدم تنفيذ التزامه ، فإن اثبت ذلك قامت قرينة قضائية على علاقة السببية بين خطأ المدين والضرر الذي أصاب الدائن ، ويكون على المدين إذا أراد دفع المسؤولية عن نفسه أن يثبت أن الضرر يرجع إلى سبب أجنبي ويكون بذلك قد قطع العلاقة السببية بين الخطأ والضرر .

ملاحظة : زوال الرابط التعاقدية ص 249( الإقالة والفسخ ) تحتاج إلى قراءه ، أما آثار الفسخ سأشرحها لأهميتها .