حامد شهاب
كان الكثيرون ممن دخلوا معترك السياسة والاعيبها يعتقدون ان التعددية السياسية هي افضل وسيلة للحكم في هذا الزمان الذي يسمونه عصر الانفتاح والديمقراطية والتعددية السياسية ، في حين يرى آخرون من انصار ( الدكتاتوريات السياسية ) ان الفكر السياسي الموحد للشعب وللوطن هو أفضل ، كونه يمثل عنصر الانسجام والتوازن ويحافظ على المجتمع من محاولات إضعافه وشرذمته، وتشتيت قواه وامكانته.وفي كلتا النظريتين او التوجهين المشار اليهما ماله من مزايا وعيوب ، ولا يصلح ان يكون احدهما هو السائد ، بل أن الجمع بين الأثنين يبقى هو الافضل في كل الاحوال، أذا اريد للمجتمع ان يخرج من قوقعته وشرنقته الى العالم الاخر ، لا ان يبقى منعزلا لايعرف ما يدور في هذا الكون من متغيرات ايجابية كانت أم سلبية.ويرى المهتمون بالشإن السياسي إن طبيعة الحياة السياسية في اغلب بلدان العالم النامي هي عبارة عن حياة يغلب عليها الطابع ( الرعوي ) القائم على أساس وجود طرفين في المعادلة هما ( راعي) و( رعية ) ، و (الراعي ) هو ( الحاكم السياسي ) الذي يكون على رأس السلطة السياسية ، بينما الرعية هم الشعب .ويشير المهتمون بالشإن السياسي الى انه في النظام ( الرعوي ) من السلطة تنتفي الحاجة إلى وجود تعددية سياسية لان الراعي ( الحاكم السياسي ) هو مفروض في قيادة الرعية والرعية مطالبة بالطاعة والخضوع . وبذلك فان الخطاب المستخدم في هذه العلاقة (علاقة الراعي بالرعية ) في هذه الحالة ، هو خطاب أمر ونهي والجواب المقبول هو الامتثال والقبول. ونتيجة لذلك فان مسالة التداول السلمي على السلطة أصبحت مستحيلة ، لان الحاكم بسياساته السلطوية يمنع مثل هكذا أمر ، بل يسعى دائماً إلى تصفية خصومه السياسيين لغرض ضمان بقاء نفوذه السياسي إلى أطول فترة ممكنة .
المقصود بالتعددية السياسية
يقصد بالتعددية السياسية من وجهة نظر علماء السياسة بإنها " مظهر من مظاهر الحداثة السياسية، ونقصد بها أولا وقبل كل شيء، وجود مجال اجتماعي وفكري يمارس الناس فيه " الحرب " بواسطة السياسة، أي بواسطة الحوار والنقد والاعتراض والأخذ والعطاء، وبالتالي التعايش في إطار من السلم القائم على الحلول الوسطى المتنامية .. والتعددية هي وجود صوت أو أصوات أخرى مخالفة لصوت الحاكم " .ويراها آخرون على أنها " مشروعية تعدد القوى والآراء السياسية وحقها في التعايش والتعبير عن نفسها والمشاركة في التأثير على القرار السياسي في مجتمعها ."
التداول السلمي للسلطة
يرى المهتمون بالشإن السياسي أن المقصود بالتداول السلمي السلطة هو "التعاقب الدوري للحكام على سدة الحكم تحت صيغ الانتخابات ، حيث يمارس هؤلاء الحكام المنتخبون اختصاصاتهم الدستورية لفترات محددة سلفاً" . وبذلك فان اسم الدولة لا يتغير ولا يتبدل دستورها ولا تزول شخصيتها الاعتبارية نتيجة تغير الحاكم أو الأحزاب الحاكمة . وعليه فان السلطة من وجهة نظرهم هي " اختصاص يتم ممارسته من قبل الحاكم بتفويض من الناخبين وفق أحكام الدستور ، وليست السلطة حقاً يتوجه الحاكم لغيره أو يورثه لمن بعده وإنما يتم تداول السلطة وفق أحكام الدستور" .ويشير هؤلاء المهتمون بعلم السياسة الى انه "لايمكن الحديث عن بناء دولة ديمقراطية مالم يكن هناك اعتراف بحق جميع التيارات والأحزاب السياسية أن تتبادل مواقع الحكم والمعارضة داخل الدولة ".
الوسطية .. هي الحالة الأمثل
وساد مفهوم ( الوسطية ) للتعبير عن إمكانية المزاوجة بين ( الانظمة الدكتاتورية ) , ( الانظمة الديمقراطية ) بإستخدام نظام يميل الى ( الوسطية) و( الاعتدال ) لا الى التطرف في المواقف ، اذ ان أي تطرف نحو المغالاة في تطبيق انظمة دكتاتورية او ليبرالية ديمقراطية متحررة أكثر من اللازم يعود بإضرار على العملية السياسية وبخاصة في دولنا التي تحسب على ما يسمونه بالدول النامية ، أو دول العالم الثالث التي ما زالت تجـــــــــاربها تحبو باتجاه الديمقراطية رغم تمسك العديد من انظمتها بالحكم الاحادي أو الفردي.