التعددية والتنوع الإثني والعرقي
يعتبر فريديريك بارث Frederic Barth من أوائل المساهمين في بلورة مفهوم ديناميكي للإثنية، فالإثنية بنظره لا تعبر عن مجموعات جامدة وثابتة بل هي تجمعات بشرية غير ثابتة، أعضاؤها يتغيرون (على المدى الزمني البعيد)، وذلك لأن عضويتها وحدودها مرتبطة بالتغيرات التي تطرأ على الأوضاع الاجتماعية. وأكد Barth أن الهوية الإثنية تولد وتؤكد وتنتقل في نطاق التفاعل والتعامل بين صناع القرار والفرد.
ويستخدم السوسيولوجي البريطاني انتوني د. سميث الكلمة الفرنسية: اثنيه Ethnic ليصف جماعات تشترك في أساطير معينة عن أصلها ومنحدرها، كما إنها ترتبط برقعة أرض معينة، وتمتاز في الأقل ببعض العناصر الثقافية المشتركة وبوجود إحساس بالتضامن بين معظم أفرادها. والوعي بالانتماء المشترك هو ما يميز الإثنية عن القوم، فالقوم جماعة ذات ثقافة مشتركة وأساطير مشتركة عن الأصل، لكنها تفتقر إلى التضامن كما تفتقر إلى النزوع المقصود للحفاظ على حدودها المميزة.
ويعرفها كليفورد غيرتز على أنها "المعطى النابع من ولادة الفرد إلى جماعة دينية تتكلم لغة محدودة أو حتى لهجة من لغة وتتبع ممارسات اجتماعية محددة.
كما يقول بانيكوس Panikos أن الإثنية Ethnicity مشتقة من كلمة Ethnos والتي تعنى كلمة أمة، وانه لا يوجد اختلاف بين الجماعة الإثنية والأمة، ويقصد بها جماعة من الأفراد لهم سمات مشتركة. وقد يرتبط هذا بالتساوي مع المهاجرين والأقليات والجماعات المشتتة التي تشارك نفس خصائص تركزهم الجغرافي، الزواج من أعضاء جماعتهم، وبالتالي يتم تخليد الإثنية الخاصة بهذه الجماعات بانتقالها من جيل إلى جيل.
من خلال ما سبق يتضح أن مصطلح الإثنية، أنما يشير إلى جماعة بشرية يشترك أفرادها في العادات، التقاليد، اللغة، الدين وأى سمات أخرى بما فيها الملامح الفيزيقية للمجتمع والدولة مع جماعات أخرى.
الإثنية المسيسة:-
يعرفها انتوني سميث على أنها عبارة عن "جماعة يتوفر لديها إحساس خاص بالتضامن" ولديها أيضا إدراك لوجودها وخصوصيتها كما تمتلك شعوراً بالاعتزاز بالذات" ومجموعة من القيم والرموز المشتركة". وهدفها كمجموعة أثنية لها طابع سياسي ويدور حول الدولة وإذا كانت قد عبرت عن نفسها عن طريق الدين، اللغة، الإنتماء للأرض، العلمانية، العرق، الطبقة، أو اي مركب من هذه العوامل فإنها كلها حسب سميث شكل من أشكال الإثنية المسيسة.
وتختلف الإثنية المسيسة في مسبباتها كما تختلف في مطالبها وغاياتها وتختلف في حدتها ودرجة احتقانها. فبينما يسعى الأكراد باتجاه الانفصال لا تسعى الهوية السوداء في الولايات المتحدة سوى تحسين وضعها العام والدفاع عن حقوقها ضمن شرعية الدولة.
الجماعة الإثنية:-
يعرفها اليونسكو على أنها "كل قطاع من المجتمع يتمايز عن الآخرين بواسطة الثقافة أو اللغة أو الخصائص الطبيعية".
وتعرفها الموسوعة البريطانية على أنها جماعة اجتماعية أو فئة من الأفراد في إطار مجتمع اكبر تجمعهم روابط مشتركة من العرق، اللغة، والقومية أو الثقافة.
ويعرفها Barth على أنها "جماعة من البشر تتسم بالتفاعل والاتصال فيما بين أفرادها ووجود ثقافة مشتركة مميزة لها عن باقي الجماعات، ويقوم هذا التميز على عدة أسـس عرقية، دينية، تاريخية هذا بالإضافة إلى وجود وعى بأهداف الجماعة وأيضا وجود اتصال بين أفرادها".
ويعرفها شيرميرهون Schermerhorn على أنها، عبارة عن قسم فرعي داخل المجتمع ولديها سلسلة نسب مشتركة مزعومة أو حقيقية وتاريخ وذكريات مشتركة عن الماضي وتركيز ثقافي على واحدة أو أكثر من المحددات الرمزية العرقية كصورة مصغرة للأخوة الشعبي.
ويقول هوجس Everett Hughes أن الجماعة الإثنية ليست واحدة، لأنها قد تتميز بوجود مستوى من الاختلاف الملاحظ أو القابل للقياس عن الجماعات الأخرى: وهى جماعة أثنية لان الناس فيها والأفراد خارجها يعرفون انها واحدة ولان من هم في الداخل والخارج يتحدثون ويشعرون ويتصرفون كما لو كانت جماعة منفصلة، وهذا يمكن أن يتحقق فقط في رأيه، إذا وجدت طريقة لاختبار من ينتمي للجماعة ومن لا ينتمي إليها، أما إذا كان من السهل الاستقالة منها فهي إذاً ليست جماعة إثنية حقيقية.
وقد أطلق العالمان أجوري Aguirre وترنرTurner، على الجماعة الإثنية مصطلح "الشعوب الفرعية"Subpopulation بدلاً من "الجماعة الإثنية" Ethnic Group، وعنيا به مجتمعاً يمكن أن يتميز بتاريخه، سلوكه، تنظيماته وثقافتة المميزة.
وهناك من يعرفها على انها عبارة عن جماعة بشرية تشترك في خصائص ثقافية معينه مثل اللغة أو الدين كالجنس الفرنسي أو الجنس اليهودي، وهى تختلف عن الجماعات الأخرى التي تقوم على خصائص عضوية طبيعية غير قابلة للتغيير، وترتبط تلك الخصائص ارتباطاً جوهرياً بالقدرات أو الكفاءات الذهنية أو الفعلية وغيرها من القدرات غير العضوية التي يمكن تحديدها اجتماعيا على أساس ثقافي.
ويعرفها سعد الدين إبراهيم على أنها عبارة عن جماعة بشرية يشترك أفرادها في العادات، التقاليد، اللغة، الدين، واي سمات أخرى مميزه بما في ذلك الأصل والملامح الفيزيقية الجسمانية.
وعليه، فالجماعة الإثنية Ethnic Group هي عبارة عن شعب إثنى Ethnic Population يتكون من الأفراد الذين يوصفون ويصنفون في فئات من قبل الشعب عامة وعادةً من قبل أعضاء الجماعة أنفسهم على أنها أثنية ذات طابع محدد، تظهر تاريخا فريداً وكذلك سلوكاً مميزاً وخصائص أو سمات تنظيمية وثقافية وتعمل نتيجة لذلك بطريقة مختلفة عن الآخرين.
ثانيا: العرقية Ethnicity والجماعة العرقية Ethnic Group
1- العرقية:-
ويعرف معجم المصباح المنير "العرق" على انه كل مصطف من طير وخيل ونحو ذلك والجمع أعراق، ويذهب معجم الوسيط إلى نفس المعنى حيث يقول أن "العرق" هو أصل كل شيء، كل مصطف من طير وخيل ونحو ذلك من معانية كذلك الجبل الغليظ الذي لا يرتقى لصعوبته.
ويقصد به معجم المنجد"أعرق- أعراقا (عرق الرجل) صار عريقاً في الشرف، والأعراق: هو ذو الأصل، يقال هو أعرق منك في كذا" أي أأصل منك والجمع عروق وأعراق وهى أصل كل شيء.
ويذهب معجم المصطلحات السياسية إلى تعريف "العرق" بأنه "مجموعة من البشر يشتركون في عدد من الصفات الجسمانية أو الفيزيائية على فرض إنهم يمتلكون موروثات جينية واحدة".
ويعرفه دينكن ميشيل على انه اصطلاح "يطلق على مجموعة سكانية تتميز بصفات بيولوجية مشتركة تقررها العوامل الوراثية، لكنه لا توجد عوامل وراثية تفصل الجماعات العنصرية الواحدة عن الأخرى". ويذهب قاموس المورد ليعرف "العرق" على انه مصطلح بيولوجي، ولكن مع انتقاله إلى فروع العلوم الاجتماعية الأخرى تسبب في الخلط والاختلاف حول مضمونه.
2- الجماعة العرقية:-
هناك اختلاف بين المشتغلين بالدراسات الاجتماعية ولا سيما الإنثروبولوجية منها فيما يتصل بمدلول عبارة الجماعة العرقية Ethnic Group. فثمة من يقول بأن الجماعة العرقية هي ذاتها الجماعة السلالية Racial Group، وثمة من يستخدم مفهوم الجماعة العرقية كمرادف لمفهوم الأمة Nation، وذلك فضلاً عن أن فريقا يعتد به من الباحثين في ضروب الظواهر الاجتماعية لا يرى ثمة تبايناً في المدلول بين عبارة الجماعة العرقية ولفظة الأقلية Minority، غير أن الخلاف على أشده بين باحثي هذا الفريق لا بصدد تعريف الأقلية فحسب وإنما كذلك بخصوص تسميتها، فثمة من يكتفي بلفظة الأقلية للدلالة عليها، وثمة من يطلق عليها الأقلية القومية National Minority في حين أن ثمة من يستخدم عبارة الأقلية العرقية Ethnic Minority كي يشير إليها.
فتذهب الجمعية الانثروبولوجية الملكية في بريطانيا لتعرف "المجموعة العرقية" على أنها "مجموعة بيولوجية تشترك في عدد محدد من الصفات الو راثية تتميز به عن غيرها من المجموعات".
ويعرفها محمود أبو العنين– على أنها " جماعة من الناس تعيش في مجتمع أشمل، وتعتقد الجماعة بوجود روابط مشتركة تربط أفرادها بعضهم ببعض، وتتمثل هذه الروابط في الاعتقاد بانحدارهم من أصل مشترك، فضلا عن اشتراكهم في خصائص ثقافية مشتركة كاللغة أو الدين أو التقاليد".
منقول عن بحث علمي متخصص
رد مع اقتباس
