العقود: جمع عقد، وهو ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع يثبت أثره في محله().
المقاصد: هي الأغراض التي أرادهـا المتصرف من تصرفه.
والغرض ما لأجله فعل الفاعل, وهو الأمر الباعث للفاعل على الفعل فهو المحرك الأول للفاعل, وبه يصير الفاعل فاعلاً().
والمعاني: هي ما تدل عليه الألفاظ بوضعها أو باستعمالها.
اللفظ: هو الكلام الذي ينطق به الإنسان بقصد التعبير عن ضميره().
المباني: هي ترتيـب الألفاظ مفردة أو مركبة مادة() وهيئة().
يفهم من هذه المادة أنه عنـد حصول العقد لا ينظر للألفاظ التي يستعملها العاقدان حين العقد، بل إنما ينظـر إلى مقاصدهم الحقيقيـة من الكلام الذي يلفظ به حين العقد؛ لأن المقصود الحقيقي هـو المعنى، وليس اللفظ ولا الصيغة المستعملة وما الألفاظ إلا قوالب للمعاني"().
والأصل أن يكون الاعتبار للألفاظ والمباني، لأنها الدالة على المقاصد والنيات()، ولكن وتصحيحاً لتصرف المكلف وإعمالاً لكلامه، يعدل عن ظاهر اللفظ إلى المعنى، إذا دلت الدلائل على أن اللفظ قاصر لسبب ما عن التعبير عن المقصـد، وأن الوقوف عند الألفاظ والمباني يؤدي إلى إهدار كلامه وإهماله، ومع ذلك فإنه ما لم يتعذر التأليف بيـن الألفاظ والمعاني المقصودة لا يجوز إلغاء الألفاظ().
وهذه القاعدة متفرعة عن قاعدة "الأمور بمقاصدها"() إلا أن هـذه عامة في الأمور كلها، وتلك خاصة بالعقود، وإن كان الفقهاء يقصدون بها العقد بمعناه العام، الذي يشمل التصرف المكون من إرادتين، والتصرف الذي يكون بإرادة واحدة كالطلاق وإجازة التصرفات، والنذر، وغيرها.
والعلماء وإن كانوا متفقين على أصل القاعدة إلا أنهم اختلفوا في كثير من تطبيقاتها وهذا ما عبر عنه ابن رجب بقوله: "إذا وصل بألفاظ العقود ما يخرجها عن موضوعها فهل يفسد العقد بذلك أو يجعل كناية عما يمكن صحته على ذلك الوجه؟ وفيه خلاف، يلتفت إلى أن المغلب هل هو اللفظ أو المعنى؟"().
التطبيقـات():
لو قال شخص لآخر: وهبتك هذه الفرس أو الدار بمائة دينار، فيكون هذا العقد بيعاً لا هبة وتجري فيه أحكام البيع، فإذا كان المبيع عقاراً تجري فيه أحكام الشفعة وغيرها من أحكام البيع.
لو قال شخـص لآخر قد أعرتك هذا السيارة لتركبها إلى المكان الفلاني بعشرة دنانير، فالعقد يكون إيجاراً لا إعارة على الرغم من استعمال كلمة الإعارة في العقد؛ لأن الإعارة هي تمليك منفعة بلا عوض وهنا يوجد عوض.
قال شخص لآخر قد أحلتـك بالدين المطلوب مني على فلان، على أن تبقى ذمتي مشغولة حتى يدفع المحال عليه لك الدين، فالعقد هذا لا يكون عقد حوالـة؛
لأن الحوالة هي نقل ذمة إلى ذمة أخرى
وهنا بقيت ذمة المدين مشغولة، والذي جرى إنما هو ضـم ذمة أخرى فأصبح المحال عليه كفيلاً بالدين والمدين أصيلاً.
لو أعطى شخص آخر عشر كيلات حنطة أو عشر دنانير، وقال له: قد أعرتك إياها فيكون قد أقرضها له، ويصبح للمستعير حق التصرف بالمال أو الحنطة المعارة له مع أنه ليس للمستعير التصرف بعين المال المعار، بل له حق الانتفاع به بدون استهلاك العين.
لو قال: لآخر اشتريت منك كذا كمية من حنطة وسط إلى أجل كذا بهذه الدراهم العشرعلى أن تؤديها إلي في مكان كذا، فالبيع سلم عند جمهور الحنفية خلافاً لزفـر؛ لأنه جاء بمعنـى السلم وذكر شرائطه والعبرة للمعنى دون الألفاظ، كما لو قال: ملكتك هذه العين بعشرة دراهم وقبـل الآخر كان بيعاً وإن لم يذكرا لفظ البيع().
لو أمر الموكل الوكيل أن يشتري له شيئاً بألف حالة فاشترى له بألف نسيئة، لزم الموكل؛ لأنه وإن خالف صورة فقد وافق معنى والعبرة للمعنى، لا للصورة().
إذا ضرب المستصنع للاستصناع أجلاً؛ صار سلماً عند أبي حنيفة حتى يعتبر فيه شرائط السلم، وهو قبض البدل في المجلس، ولا خيار لواحد منهما إذا سلم الصانع المصنوع على الوجه الذي شرط عليه في السلم؛ لأنه إذا ضرب فيه الأجل؛ فقد أتى بمعنى السلم؛ إذ هو عقد على مبيع في الذمة مؤجلاً، والعبرة في العقود لمعانيها لا لصور الألفاظ