عدم جواز اللجوء للوسائل غير المشروعة : هناك مجموعة وسائل حرم المشرع العراقي اللجوء اليها عند استجواب المتهم ، لانها تشكل مساسا بسلامة الجسم ومن هذه الوسائل ما يمس الكيان المادي ومنها ما يمس الكيان المعنوي للمتهم .

أولاً. الوسائل الماسة بالكيان المادي :- وهي الوسائل التي تمثل مساسا ماديا بجسم المتهم ومنها :

1- إساءة المع
املة كمنع المتهم من الطعام والشراب او وضعه في اماكن غير مريحة ومنعه من التدخين مما يؤدي بالتالي إلى المساس بسلامة جسمه ، والغرض من وراء تلك المعاملة السيئة هو لحمل المتهم على الاعتراف بما هو منسوب اليه او لمجرد الاساءة اليه ، وقد نصت المادة (333) من قانون العقوبات على ( يعاقب بالسجن او الحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة عذب اوامر بتعذيب متهم … لحمله على الاعتراف … ويكون بحكم التعذيب استعمال القوة أو التهديد ) .

كذلك نصت اغلب التشريعات على عدم جواز اجبار المتهم للاجابة عن الأسئلة التي توجه اليه ، وهذا ما اشارت إليه الفقرة (ب) من المادة (126) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي بقولها :- ( لا يجبر المتهم على الاجابة على الاسئلة التي توجه اليه ) .
2- الاكراه المادي : هو فعل مباشر يمس جسم المتهم فيشل ارادته ويتمثل بالاعتداء بقوة مادية لا قبل للمتهم على مقاومتها . وبغض النظر عن جسامة هذا المساس ما دام له تأثير على ارادة المتهم وحريته . ويتم اللجوء لهذه الوسيلة من قبل المحققين العاجزين لاخفاء عدم كفاءتهم وقصورهم في التحقيق والتهرب من بذل الجهود التي تستلزمها مواصلة البحث عن الادلة الموضوعية

السليمة . ومن وسائل الاكراه المادي الضرب والجرح واعطاء العقاقير المخدرة والتنويم المغناطيسي ، والتي لايمكن التعويل على الاقرار الصادر نتيجة اللجوء اليها وهذا ما نصت عليهالمادة (218) من قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدلة بموجب مذكرة سلطة الائتلاف( رقم(7) /القسم 4/ل) على مايأتي((يشترط في الاقرارأن لايكون قد صدر نتيجة أكراه))،وأكدت على ذلك الفقرة(رابعاً/و ) من المادة (19) من قانون المحكمة الجنائية العليابقولها((لايجوز أرغامه على الاعتراف وله الحق في الصمت وعدم الادلاء بأفادة دون أن يفسر هذا الصمت دليلاً على الادانة أة البراءة))
أما العقاقير المخدرة فهي مواد تعطى للمتهم فيفقد القدرة على الاختيار والتحكم الارادي مما يجعله اكثر قابلية للايحاء سواء كان يتحدث تلقائيا او ردا على اسئلة موجهة اليه . ومن هذه العقاقير

( Penthotal ) او ما يسمى مصل الحقيقة ) . وعليه فان الاقرار المتحصل باستخدام هذه العقاقير هو اقرار قسرى .
لهذا فقد حرمت اغلب التشريعات استخدام هذه العقاقير في الاستجواب ، ومنها التشريع العراقي في المادة (127) من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي نصت على انه ( لا يجوز استعمال اية وسيلة غير مشروعة للتأثير على المتهم للحصول على اقراره ويعد من الوسائل غير المشروعة … والعقاقير ) أما المعارضون ونحن نتفق معهم فقد استندوا إلى مجموعة من الحجج منها ان هذه الوسيلة تشكل مساسا بجسم المتهم قد يصل إلى درجة من الجسامة ، لاسيما وان استخدام هذه العقاقير يحتاج الى اشخاص ذوي خبرة في تحضيرها ، ومن حيث المقدار الواجب اعطائه فان أي زيادة في المقدار تعرض جسم المتهم إلى اضرار بالغة كما ان المعلومات المتحصلة لا يمكن التعويل عليها لانه بامكان المتهم ان يخفي الحقيقة ، فضلاً عن ذلك فان فعل التخدير يتضمن مساسا بانسجة الجسم ، واستخدام هذه العقاقير يمثل اعتداءً على حق المتهم في الصمت وان لا يدين نفسه بنفسه .
اما بالنسبة للمخدرات والمسكرات فان اعطاءها للمتهم اثناء الاستجواب يؤدي إلى الاضرار بسلامة جسمه ، فقد اكدت الدراسات الطبية الحديثة ان المخدرات والمسكرات لها تأثيرات سلبية على جسم المتهم فهي تؤدي إلى المساس بجسم المتهم ، لان اعطاءها يؤثر على صحة المتهم ويؤدي إلى الاخلال بالوظائف الطبيعية لاعضاء جسمه ، لانها تؤدي إلى زيادة في نبضات القلب ، وارتفاع ضغط الدم ، و درجة الحرارة ، والشعور بعدم الارتياح والقلق ولها تأثير على الجهاز التنفسي لانها تسبب انقباض الاوعية الدموية. ولهذا فقد حرمتها الكثير من التشريعات ، ومنها تشريعنا العراقي في المادة ( 127/ من قانون اصول المحاكمات الجزائية ).

أما بالنسبة للتنويم المغناطيسي للمتهم فهو احداث حالة من النوم الاصطناعي لبعض ملكات العقل عن طريق الايحاء بفكرة النوم فيخضع المتهم المنوم ( بفتح الواو ) لشخصية المنوم ( بكسر الواو ) . ويتم اللجوء للتنويم المغناطيسي أثناء الاستجواب لانه له اثر فعال في شخصية المتهم ، إذ يمكن استدعاء المعلومات المخزونة في عقل المتهم عن تفاصيل الجريمة ، كالمال المسروق وجثة القتيل والشركاء .. الخ والتي لا يمكن الوصول اليها بالاساليب العادية .

أما بالنسبة لجهاز كشف الكذب فهو يمثل اعتدءٍ على الكيان المادي إذا تم اللجوء إليه على الرغم من إرادة المتهم أو بإرادته ، ولكن تم استخدامه لفترة طويلة وذلك من خلال الاطالة في الاسئلة التي يتم توجيهها للمتهم كما انه يمثل اكراها معنويا إذا تم اللجوء اليه بارادة المتهم وبدون اطالة ، لانه ينطوي على مساس بارادته لان ما يصدر عنه يعد اعترافا صادرا عن ارادة غير حرة وكونه يمثل اعتداء على حق الدفاع .

3-. الإكراه المعنوي : ان الاكراه المعنوي يمثل مساسا بسلامة الجسم ، ومن الوسائل المعنوية التي حرمها المشرع التهديد الذي يلجأ إليه القائم بالتحقيق ويستخدمه في التأثير على ارادة المتهم وذلك كالتهديد بإيذاءه او الاعتداء عليه او على شخص له صلة قربى به كالزوجة او الولد او الابوين . ففي هذه الحالة يكون المتهم تحت تأثير يجعل ارادته غير حرة في الاقوال التي تصدر منه فلا يعول عليها في الاثبات .

أما بالنسبة لحلف اليمين فان اغلب القوانين تنص على عدم جواز تحليف المتهم اليمين لحمله على قول الصدق فتحليف اليمين نوع من انواع الاكراه الادبي لانه يجعل المتهم بين نارين نار الاعتراف ونار الحنث باليمين ، فهو اما ان يعترف ويدين نفسه او يخالف معتقداته الدينية والاخلاقية ويحلف كذبا وهو المتضرر الوحيد في الحالتين ولهذا فقد نصت المادة (126) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على انه ( لا يحلف المتهم اليمين الا إذا كان في مقام الشهادة على غيره من المتهمين ).أما بالنسبة للاستعراف بواسطة الكلاب البوليسية فهو وسيلة من وسائل الاكراه المعنوي إذا كان القصد منه ارهاب المتهم وتهديده من اجل حمله على الاعتراف ، وقد يعد وسيلة من وسائل الاكراه المادي إذا قام الكلب بالاعتداء على شخص المت
هم ومزق ملابسه او بعضا من جسمه .