| ضُرُوبُ النّاسِ عُشّاقٌ ضُرُوبَا |
| فأعذَرُهُمْ أشَفُّهُمُ حَبِيبَا |
| وما سَكَني سِوَى قَتْلِ الأعادي |
| فهَلْ من زَوْرَةٍ تَشفي القُلوبَا |
| تَظَلّ الطّيرُ منها في حَديثٍ |
| تَرُدّ بهِ الصّراصِرَ والنّعيبَا |
| وقد لَبِسَتْ دِماءَهُمُ عَلَيْهِمْ |
| حِداداً لم تَشُقّ لَهُ جُيُوبَا |
| أدَمْنا طَعْنَهُمْ والقَتْلَ حتى |
| خَلَطْنا في عِظامِهِمِ الكُعُوبَا |
| كأنّ خُيولَنا كانَتْ قَديماً |
| تُسَقّى في قُحُوفِهِمِ الحَليبَا |
| فَمَرّتْ غَيرَ نافِرَةٍ عَلَيْهِمْ |
| تَدوسُ بنا الجَماجِمَ والتّريبَا |
| يُقَدّمُها وقد خُضِبَتْ شَواهَا |
| فَتًى تَرْمي الحُرُوبُ بهِ الحُرُوبَا |
| شَديدُ الخُنْزُوانَةِ لا يُبَالي |
| أصابَ إذا تَنَمّرَ أمْ أُصِيبَا |
| أعَزْمي طالَ هذا اللّيلُ فانْظُرْ |
| أمِنْكَ الصّبْحُ يَفْرَقُ أنْ يَؤوبَا |
| كأنّ الفَجْرَ حِبٌّ مُسْتَزارٌ |
| يُراعي مِنْ دُجُنّتِهِ رَقِيبَا |
| كأن نُجُومَهُ حَلْيٌ عَلَيْهِ |
| وقد حُذيَتْ قَوائِمُهُ الجَبُوبَا |
| كأنّ الجَوّ قاسَى ما أُقاسِي |
| فصارَ سَوادُهُ فيهِ شُحُوبَا |
| كأنّ دُجاهُ يَجْذِبُها سُهادي |
| فَلَيسَ تَغيبُ إلاّ أنْ يَغيبَا |
| أُقَلّبُ فيهِ أجْفاني كأنّي |
| أعُدّ بهِ على الدّهرِ الذّنُوبَا |
| وما لَيْلٌ بأطْوَلَ مِنْ نَهارٍ |
| يَظَلّ بلَحظِ حُسّادي مَشُوبَا |
| وما مَوْتٌ بأبْغَضَ مِنْ حَياةٍ |
| أرَى لَهُمُ مَعي فيها نَصيبَا |
| عَرَفْتُ نَوائِبَ الحَدَثانِ حتى |
| لَوِ انْتَسَبَتْ لكُنتُ لهَا نَقيبَا |
| ولمّا قَلّتِ الإبْلُ امْتَطَيْنَا |
| إلى ابنِ أبي سُلَيْمانَ الخُطُوبَا |
| مَطايا لا تَذِلّ لمَنْ عَلَيْهَا |
| ولا يَبغي لهَا أحَدٌ رُكُوبَا |
| وتَرْتَعُ دونَ نَبْتِ الأرْضِ فينا |
| فَما فارَقْتُها إلاّ جَدِيبَا |
| إلى ذي شِيمَةٍ شَغَفَتْ فُؤادي |
| فلَوْلاهُ لقُلْتُ بها النّسيبَا |
| تُنازِعُني هَواها كلُّ نَفْسٍ |
| وإنْ لم تُشْبِهِ الرّشَأ الرّبِيبَا |
| عَجيبٌ في الزّمانِ وما عَجيبٌ |
| أتَى مِنْ آلِ سَيّارٍ عَجيبَا |
| وشَيْخٌ في الشّبابِ ولَيس شَيخاً |
| يُسَمّى كلُّ مَن بَلَغَ المَشيبَا |
| قَسَا فالأُسْدُ تَفْزَعُ مِن يَدَيْهِ |
| وَرَقّ فنَحنُ نَفزَعُ أن يَذوبَا |
| أشَدُّ منَ الرّياحِ الهُوجِ بَطشاً |
| وأسرَعُ في النّدى منها هُبُوبَا |
| وقالوا ذاكَ أرْمَى مَنْ رَأيْنَا |
| فقُلْتُ رَأيْتُمُ الغَرَضَ القَريبَا |
| وهَلْ يُخْطي بأسْهُمِهِ الرّمَايَا |
| وما يُخْطي بما ظَنّ الغُيُوبَا |
| إذا نُكِبَتْ كَنائِنُهُ اسْتَبَنّا |
| بأنْصُلِها لأنْصُلِها نُدُوبَا |
| يُصيبُ ببَعْضِها أفواقَ بَعضٍ |
| فلَوْلا الكَسرُ لاتّصَلَتْ قَضِيبَا |
| بكُلّ مُقَوَّمٍ لم يَعْصِ أمْراً |
| لَهُ حتى ظَنَنّاهُ لَبِيبَا |
| يُريكَ النَّزْعُ بَينَ القَوْسِ منْهُ |
| وبَينَ رَمِيّهِ الهَدَفَ اللّهِيبَا |
| ألَستَ ابنَ الأُلى سَعِدوا وسادوا |
| ولم يَلِدوا امرَأً إلاّ نَجِيبَا |
| ونالُوا ما اشْتَهَوْا بالحَزْمِ هَوْناً |
| وصادَ الوَحشَ نَملُهُمُ دَبِيبَا |
| وما ريحُ الرّياضِ لهَا ولَكِنْ |
| كَساها دَفنُهُمْ في التُّرْبِ طِيبَا |
| أيَا مَنْ عادَ رُوحُ المَجْدِ فيهِ |
| وصارَ زَمانُهُ البالي قَشيبَا |
| تَيَمّمَني وكيلُكَ مادِحاً لي |
| وأنْشَدَني مِنَ الشّعرِ الغَريبَا |
| فآجَرَكَ الإل?هُ على عَليلٍ |
| بَعَثْتَ إلى المَسيحِ بهِ طَبِيبَا |
| ولَسْتُ بمُنكِرٍ مِنْكَ الهَدايَا |
| ولَكِنْ زِدْتَني فيها أدِيبَا |
| فلا زالَتْ دِيارُكَ مُشرِقاتٍ |
| ولا دانَيتَ يا شَمسُ الغُرُوبَا |
| لأُصْبِحَ آمِناً فيكَ الرّزايا |
| كمَا أنَا آمِنٌ فيكَ العُيُوبَا |