صفحة 54 من 146 الأولىالأولى ... 4445253 54555664104 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 531 إلى 540 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 54

الزوار من محركات البحث: 64119 المشاهدات : 312339 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #531
    مراقب
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 37,419 المواضيع: 3,490
    صوتيات: 131 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 37112
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة
    مقالات المدونة: 19
    SMS:
    يقول ليس براون: صوب نحو القمر. حتى لو أخطأت. فسيقع سهمك بين النجوم ^-^
    البري بري (داء ـ)

    البري بري Beriberi مرض ينجم عن عوز الفيتامين ب1(الثيامين Thiamine)، ويصيب عدة أجهزة في الجسم بما فيها القلب والعضلات والأعصاب والجهاز الهضمي. تعني البري بري (لا أستطيع لا أستطيع I can’t I can’t) باللغة السِّنهاليةSinghalese. وهو شائع في أجزاء من جنوب شرق آسيا حيث يكون الغذاء الرئيسي هو الأرز. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فيشاهد بشكل أساسي لدى الكحوليين المزمنين. ولقد وصفه نيكولاس تولب Nikolaas Tulp عام 1652 وصفاً مفصلاً لكنه لم يدرك أنه تالٍ لعوز غذائي. إلى أن تبين في بدايات القرن العشرين أن نخالة الأرز (الغلاف الخارجي الذي كان يُزال للحصول على الأرز الأبيض اللامع) تحتوي شيئاً يقي من المرض، وبدأ عندها استخدام الخلاصات المأخوذة من قشر الأرز للعلاج.
    الأسباب
    يرتبط الثيامين مع الفوسفات لتشكيل التميم co-enzyme ثيامين بيروفوسفات TPP الذي يسهم إسهاماً أساسياً في تفاعلات إنتاج الطاقة من الغلوكوز أو تحويل الغلوكوز إلى دسم للتخزين في النسج. وكذلك في تركيب الأستيل كولين المهم للنقل العصبي.
    حين يقل الثيامين لا تتمكن الخلايا من استقلاب الغلوكوز هوائياً، ويتراكم حمض اللبن وحمض البيروفي، وتضطرب الوظائف الأساسية للطاقة.
    يلاحظ في البري بري الجاف التهاب أعصاب عديد مزمن مع هبوط الرسغ وهبوط القدم، كما يشاهد ضعف منعكسات وترية وحس وضعية المفصل، ومضض في عضلات الربلة بالضغط، وخدر في الجلد، وخاصة فوق الظنبوب.
    الأشكال والأعراض
    يبدأ العوز بعد نحو شهر من حمية خالية من الثيامين؛ ويصنف البري بري حسب الأجهزة المصابة في الجسم إلى:
    ـ البري بري الجاف: وهو يصيب الجهاز العصبي.
    ـ البري بري الرطب: وهو يصيب القلب والدوران.
    ويحدث كلا النمطين عادة لدى نفس المريض مع سيطرة إحدى مجموعتي الأعراض:
    ـ الجهاز الهضمي: نقص شهية وعسر هضم وإمساك ونقص حموضة المعدة.
    ـ الجهاز العصبي: العلامات الباكرة: التعب والنزق والاكتئاب والخمول وضعف التركيز الذهني وضعف الذاكرة، ثم يحدث اعتلال أعصاب محيطية مما يسبب غياب الحس والضعف العضلي. أكثر ما يصاب الساقان وتصير عضلاتهما مؤلمة، يحدث خدر في أصابع القدمين مع حس حرق في القدمين. يمشي المصابون بشكل غير ثابت (رَنَح) مع فقدان التناسق في الحركات وصعوبة النهوض من وضعية القرفصاء، وفي النهاية تضمر العضلات. وقد يحدث انسدال أجفان وضمور في العصب البصري. ولشلل العصب الحنجري (وهي علامة مميزة) تحدث بحة أو فقدان الصوت. تكون الأعراض الشَللية أكثر وضوحاً عند الكهول من الأطفال.
    ـ الجهاز القلبي الدوراني: العلامات البدئية: عسرة تنفس وتسرع نبض وتعرق وزرقة. ولإصابة العضلات المُلس في جُدُر الأوعية الدموية، ترتخي الشرايين والأوردة وتحدث الوذمات في الطرفين السفليين. ثم تضعف العضلة القلبية ويتضخم القلب خاصة في الجزء الأيمن ثم يحدث قصور القلب مع ضخامة كبدية وقد يؤدي ذلك إلى الوفاة. ويبدي تخطيط كهربائية القلب: زيادة مسافة QT وانقلاب T ونقص الفولتاج.
    ـ البري بري عند الأطفال: ويظهر لدى الأطفال الذين يرضعون من أمهات معوزات بالثيامين بين الشهر الثاني والرابع من العمر. يكون الأطفال شاحبين، ضجرين غير قادرين على النوم، عرضة للإسهال مع ضمور عضلي ووذمات.
    يلاحظ في البري بري الرطب: وذمة معممة وعلامات احتقان رئوي ناجم عن استرخاء قلب كما يشاهد اعتلال عصب محيطي
    التشخيص
    يعتمد على تغذية المصاب والمظاهر السريرية وبعض الفحوص الكيميائية والحيوية. وتظل الاستجابة السريرية وتحسن المريض بعد إعطاء الثيامين، هي الاختبار الأمثل لتأكيد التشخيص.
    المعالجة
    البري بري مميت إذا لم يعالج. ويعالج العوز الشديد بجرعات عالية من الثيامين وريدياً أو عضلياً لعدة أيام. ثم تعطى جرعات أصغر عضلياً أو بالفم إلى أن يشفى المريض.
    يعالج البري بري لدى الرضع بإعطاء الثيامين لكل من الأم والطفل حتى يعود المستوى إلى الطبيعي.
    يجب على المريض اتباع تغذية غنية بالأطعمة التي تؤمن الثيامين وعناصر المجموعة ب الأخرى مثل الأرز البني والحبوب الكاملة والخضار والفواكه النيئة والبقول والمكسرات واللحم أو الحبوب المقَوَّاة بالثيامين. كما يجب الابتعاد عن تناول أكثر من كوب واحد من السوائل مع الوجبة الطعامية لأن ذلك يغسل الفيتامينات قبل امتصاصها. يتخرب الثيامين بسهولة بالحرارة ويزال بسرعة من الغذاء بالطبخ. تزداد حاجة الجسم إليه في حالات الحمى والجراحة والشدة والتغذية عالية السكريات وتناول الكحول وتسريب الغلوكوز وريدياً. تقدر الحاجة اليومية للجسم بحسب الوارد الكلي من الحريرات بـ 0.5مغ لكل 1000 حريرة مع حد أدنى من الوارد اليومي يساوي 1مغ. تزداد الحاجة أثناء الحمل والإرضاع إلى 1.5مغ/يوم. أما عند الرضع فينصح بإعطاء نحو 0.4مغ يومياً.
    إن الغذاء الفقير بأي من عوامل المجموعة ب يكون مصدراً فقيراً للفيتامينات ب الأخرى. ولأن تظاهرات عوز عدة فيتامينات ب يمكن أن تشاهد في المريض نفسه، لذلك فمن العملي والمفيد أن يعالج المريض بكل المجموعة ب B complex.

    نسمة كراوي

  2. #532
    البريميات (داء ـ)

    يطلق داء البريميات Leptospirosis على مجموعة أدواء خمجية ناكسة، تتظاهر بحمى ونافض وآلام عضلية وتخريش سحائي والتهاب ملتحمة العين ونزوف جلدية ومخاطية وقصور كلوي، علماً بأن الإصابة بها نادرة في بلادنا. تنجم هذه الأدواء عن ملتوية نحيلة (بريمية) Leptospira تضم عدة ذرارٍ. ويمكن لذرية واحدة أن تسبب ظواهر سريرية مختلفة، وبالعكس يمكن لمتلازمة واحدة أن تنجم عن ذرارٍ مختلفة.
    لمحة تاريخية
    في عام 1800م، حدثت بين الجنود الفرنسيين في مصر، ظواهر سريرية مشابهة لما عرف بعد ذلك بداء البريميات، كما وصفت أيضاً حالات مشابهة في أمريكة أيام الحرب الأهلية.
    وفي عام 1886 نشر الطبيب التشيكي فايل Weil وصفاً ليرقان لاحظه، تظاهر بهجمة حموية فجائية ونوافض وإعياء وضخامة كبدية وطحالية وأُهْبَة diathesis نزفية وأذية كلوية.
    وفي عام 1914 اكتشف العالمان اليابانيان إينادا و إيدو في كبد سمور حقن بدم مريض مصاب بيرقان خمجي، كائناً نحيلاً خيطياً فأطلقا عليه اسم الملتوية النحيفة (البريمية).
    وفي عام 1915 أطلق الجراثيمي الألماني رايتر Reiter على هذا الكائن اسم الملتوية العقدة Spirochaeta nodosa، كما أطلق عليه آخرون اسم الملتوية المولدة لليرقان.
    وفي عام 1916 أعلن إينادا أن عامل داء فايل هو ملتوية، وبعد عامين صنف الجراثيمي الياباني نوغوشي Noguchi هذا الكائن الحي تحت اسم «البريمية اليرقانية النزفية».
    وتبين حديثاً أن جنس البريمية يضم نوعاً واحداً دعي بالبريمية الاستفهامية L.interrogans. ولهذا النوع نويعان هما البريمية الاستفهامية الاستفهامية التي تضم الزمر الممرضة، والبريمية ذات الثنيتين L.biflexa التي تضم زمراً رميّة (غير ممرضة).
    شكل الطفيلي
    البريمية كائن حي وحيد الخلية نحيف، بشكل خيط مفتول ليس له نواة ظاهرة ولا محفظة، طوله 5-15 مكرون وقد يبلغ30 مكرون وقطره 0.1- 0.25 مكرون.
    وفي البريميات انحناءات غير منتظمة تعطيها شكل النابض، وتنحني نهايتاها بشكل كلاب أو حرف S.
    لابد لرؤية البريمية، عند فحصها من دون تلوين في محضر ندي، من استعمال المجهر ذي الساحة المظلمة، فنتعرفها بحركتها التمعجية والانتقالية، وإذا لونت بطريقة «غرام» فلا تأخذه وتبقى باهتة. أما بطريقة غيمزا فتبدو بلون أحمر قان وبنترات الفضة بلون أسود.
    ويظهر للبريمية، عند فحصها بالمجهر الإلكتروني، غشاء خارجي متعدد الطبقات يحيط بأسطوانة بروتوبلازمية حلزونية.
    وأمكن بالاختبارات المصلية (بتفاعلات التراص) تمييز مستضدات مختلفة للبريمية أمكن تصنيفها وفق مجموعات هي:
    المجموعة المصلية اليرقانية النزفية icterohaemorrhagiae والمجموعة المصلية النزلية التيفية grippotyphosa والمجموعة المصلية البومونية pomona والمجموعة المصلية الخريفية autumnalis والمجموعة المصلية الهاجرية canicola والمجموعة المصلية الأسبوعية hebdomidis.
    وتسبب كل مجموعة من هذه المجموعات مرضاً خاصاً بها أو عدداً من الأمراض.
    صفات البريمية
    البريمية جرثومة هوائية مجبرة، واسعة المضيف، تتطفل على الحيوانات البرية والأليفة أما خمجها للإنسان فعارض لأنها هشة قليلة المقاومة للجفاف والحرارة، وهي شديدة المقاومة لمحلول الصابونين بنسبة 10% ولا تتأثر بالماء. ويمكن زرعها بسهولة في أوساط مخبرية.
    طريقة انتقال البريمية
    أمكن مشاهدة البريمية الاستفهامية في ستين ومئة من الثدييات البرية والأهلية منها: الأيل deer والثعالب والزواحف والماشية والدواجن والكلاب والقطط والخنازير والجرذان والفئران والقوارض الأخرى.
    تتوضع البريميات في نسج وأعضاء مختلفة للمضيف ولاسيما في أنيبيبات الكلية.
    تخرج البريميات من الحيوان المصاب مع برازه أو بوله ويكون طرحها مع البول مستمراً.
    وتتوضع البريميات بعد طرحها من المضيف في التراب الرطب حيث تبقى حية وخمجة مدة أسبوعين، أو في المياه حيث تبقى حية عدة أشهر.
    يُعدى الإنسان بالتماس المباشر مع نسج الحيوان المصاب أو بوله، أو بالتماس غير المباشر لطين أو ماء أو نبات ملوث. لذلك تستهدف الإصابة مهناً خاصة كالمزارعين وعمال حقول الأرز وعمال المناجم والمجاري الصحية والمسالخ والأطباء البيطريين. كما يصاب بداء البريميات الأشخاص الذين يسبحون أو يصطادون في الأنهار أو البحيرات الملوثة. لذلك تزداد الإصابة لدى الذكور وتكثر في الجو الحار بين شهري حزيران وتشرين الأول. وتغلب عند الأطفال وفي سن الشباب بين العاشرة والتاسعة والثلاثين.
    تدخل البريمية من سحجات جلدية، في القدم خاصة، ومن الأغشية المخاطية العينية والتنفسية والهضمية؛ وقد يصابالجنين من والدته في أثناء الحياة الرحمية أو الولادة.
    تتكاثر البريمية بعد دخولها، في منطقة عبورها، مدةً تمتد من أسبوع حتى أسبوعين ثم تنتقل إلى الدم والسائل النخاعيC.S.F. والحجرة الأمامية للعين. وتبقى في الدم من أربعة أيام إلى تسعة، ثم تنتقل إلى الكلية والكبد والعضلات، ويبدأ طرحها مع البول بدءاً من الأسبوع الثالث التالي لدخولها الجسم ويمتد طرحها بضعة أسابيع، وقد يستمر أحد عشر شهراً. ويرافق ذلك ارتفاع كمية الأضداد وحدوث المناعة فتتخلص الأنسجة من البريميات إلا الكلية والحجرة الأمامية للعين وربما الدماغ.
    إمراض البريميات
    تتصف أذية البريميات بأن أغلب أعراضها وظيفية. وما يشاهد من آفات نسجية تنجم عن أذية الطبقة الظهارية للأوعية الشعرية. فيشاهد في الكبد تورم في الخلايا المتنية وتفكك في الحبال الكبدية وضخامة وتكاثر في خلايا كوبفر وركودة صفراوية في قنياتها.
    وتكون تبدلات الكلية الوظيفية أشد من تبدلاتها النسجية التي تتفاوت بين توسع طفيف للأنابيب الملتوية وظهور تنكس ونخر وتمزق لخلاياها. أما الآفات اللبية فتكون إما مفقودة وإما تقتصر على تنسج في الغشاء المتوسط.
    وتقتصر التبدلات السحائية على التخريش السحائي، وقد يحدث تسمك في السحايا وارتشاح بالخلايا البيضاء الكثيرة النوى.
    وتشاهد في الرئة تظاهرات نزفية رئوية أو جنبية.
    وتحدث في العضلات المخططة تغيرات نخرية بؤرية تبدأ بتورم ثم تنكس هياليني فتليف بسيط.
    وينتج من دخول البريميات الحجرة الأمامية للعين وبقائها أشهراً، على الرغم من زيادة الأضداد، التهاب القزحية والجسم الهدبي أو التهاب العنبة.
    ويظهر عند المصاب بداء البريميات يرقان سببه الخلل الوظيفي الكبدي.
    ويصاب القلب بالتهاب العضلة القلبية مع وذمة خلالية، وارتشاح باللمفيات والخلايا البلازمية، ونزوف بؤرية فيه.
    الأعراض
    داء البريميات مرض تظاهراته السريرية غير مميزة، فكثيراً ما يشخص نزلة وافدة أو حمى مجهولة السبب أو داء كبدي أو التهاب سحائي. وتختلف شدة المرض باختلاف نوع البريمية وأعدادها وطريقة دخولها.
    يمر داء البريميات بطورين الأول طور خمجي دموي والثاني طور مناعة.
    يبدأ الطور الأول فجأة بعد حضانة تمتد غالباً من أسبوع حتى أسبوعين بعد التعرض لماء ملوث. فيحدث عند المصاب نافض شديد يليه ارتفاع سريع في الحرارة حتى 39ْ أو 40ْس وصداع خلف الحجاج orbit أو جبهي، أو صدغي، أو قفوي، وآلام عضلية في الفخدين والرَّبْلة calf والقطن والبطن، وأعراض هضمية (قهم anorexia وغثيان، وقيء، وأحياناً إسهال)، وأعراض رئوية تتمثل بألم صدري مع سعال. ويلاحظ بفحص المصاب بطء في النبض مع بقاء الضغط الدموي سوياً. ويظهر عنده في اليوم الثالث أو الرابع احتقان في الملتحمة وأحياناً في البلعوم، أو نزف جلدي أو طفح بقعي أو بقعي حطاطي maculopapular أو شروي منتشر فوق الجذع، ونادراً ما تحدث ضخامة طحالية أو كبدية أو يرقان. ولكن في الإصابة الشديدة يظهر في اليوم الخامس يرقان يبلغ ذروته بعد أسبوع، ثم يبدأ في اليوم العاشر بالتناقص لينتهي الطور الأول، ويبدأ الطور الثاني (طور المناعة)، المعروف بظهور أضداد من زمرة IgM في الدم، فتزول البريميات من الدم والسائل النخاعي وتختفي الأعراض مدة يوم إلى ثلاثة أيام لتعود الحمى وبعض الأعراض السابقة وعلامات بقاء البريميات في الكلية والدماغ والعين. فتشاهد البريميات في البول مدةً قد تمتد حتى أحد عشر شهراً، كما تظهر علامات تخريش سحائي وأعراض التهاب الدماغ والإصابة العينية.
    وهناك أعراض خاصة لإصابات المجموعات المصلية منها:
    ـ متلازمة فايل: وهي حالة شديدة لداء البريميات، تنجم عن الضرب المصلي اليرقاني النزفي أو ضروب مصلية أخرى. تبدأ أعراضها كداء البريميات السابق وصفه، ثم تتكامل مظاهرها المميزة بظهور يرقان برتقالي تزداد شدته مع زيادة الخلل الوظيفي الكبدي. وتسيطر على المظهر السريري، بسبب التهاب الأوعية المنتشر وأذية الشعريات، نزوف مختلفة بشكل رعاف، ونفث دم، ونزف معدي معوي، والتهاب رئة فصي نزفي، ونزف كظري ونزف تحت العنكبوتية.
    وتكون معاودة هذه المتلازمة شديدة؛ تستمر الحمى فيها عدة أسابيع، وتغلب فيها الأعراض الكبدية كضخامة الكبد وإيلامها، والأعراض الكلوية التي تتظاهر بشح البول والبيلة الدموية والبروتينية والقيحية والخلوية (كريات بيض وحمر وأسطوانات زجاجية وحبيبية).
    ويشاهد بفحص الدم ارتفاع عدد الكريات البيض، وزيادة سرعة التثفل زيادة بسيطة، ونقص شديد في عدد الكريات الحمربسبب انحلالها ضمن الأوعية إضافة إلى النزوف واليوريمية (تسمم الدم بالبولة)، وتبقى الصفيحات طبيعية وكذلك زمن البروترومبين. كما يرتفع البيلروبين الكلي وخميرتا الترانساميناز الكبديتان SGPT SGOT.
    ـ التهاب السحايا العقيم: يمكن حدوثه بأغلب الأنماط المصلية للبريميات. ويشكو المريض من صداع شديد وألم شديد في الظهر والساقين وقد يصاب بخبل ووسن. ويلاحظ بالفحص السريري احتقان الملتحمة وعلامات تخريش سحائي تؤكده صلابة النقرة والظهر وبفحص السائل النخاعي، زيادة الخلايا من 50- 1000 في الميلي ليتر نصفها كثيرات النوى، وفي بدء المرض يزداد البروتين خلافاً لالتهاب السحايا الناجم عن الفيروسات، أما السكر فيبقى سوياً وقد يتناقص.
    ـ التهاب العضلة القلبية: وقد اتهمت في إحداثه بعض الأنماط. ويتظاهر إضافة إلى أعراض داء البريميات، بأعراض قلبية.
    ـ حمى مقدم الساق: تبدأ الإصابة كداء البريميات، ثم تظهر في اليوم الرابع علاماتها المميزة بشكل حُمامات erythemaمرتفعة طفحية بسعة 2-5 سم2 ومتناظرة حول منطقة الظنبوب ومترافقة بضخامة الطحال عند 59% من المرضى.
    التشخيص
    يلتبس المرض سريرياً بكثير من الأمراض الخمجية كالحمى التيفية والنزلة الوافدة والتهاب السحايا، واليرقان النزلي وكذلك الأدواء الكبدية والتهاب الكلية.
    ويجب التفكير في هذا المرض، في المناطق التي يحدث فيها، لدى كل شخص يشكو أيام الصيف من حمى فجائية مع نوافض وصداع وآلام عضلية شديدة واحتقان الملتحمة خاصة إذا تعرض مباشرة أو بطريقة غير مباشرة عند لمس حيوانات مصابة أو بولها أو مياه ملوثة. ويكون التشخيص بطرق مباشرة وبطرق غير مباشرة.
    ـ الطرق المباشرة: يعتمد التشخيص المباشر، في الأيام الاثنى عشر الأولى من المرض، على رؤية البريميات في الدم أو في السائل النخاعي بعد فحصهما مباشرة أو بعد زرعها في أوساط خاصة أو زرقها للقبيعة (خنزير الهند). أما بعد اليوم الخامس عشر حتى الخامس والعشرين فيعتمد التشخيص على رؤية البريميات في البول.
    ـ الطرق غير المباشرة: يتم التشخيص غير المباشر بفحص الدم أو السائل النخاعي أو البول لكشف التبدلات الخلوية أو الكيمياوية المذكورة سابقاً. ويؤكد التشخيص بتحري الأضداد، التي تبدأ بالظهور من اليوم السابع لتصبح واضحة في اليوم الخامس عشر، ويتم ذلك بالتفاعلات المصلية ولابد من إعادة الفحص بعد أسبوع إذا كان مقدارها ضئيلاً أو معدوماً لكشف تزايدها.
    الوقاية والمعالجة
    لما كانت البريميات تتوضع في نسج عدد من الحيوانات الأهلية وتطرح مع بولها لتبقى حية في التراب الرطب والمياه، كانت الوقاية والمكافحة تعتمدان على اتباع ما يأتي:
    ـ وقاية فردية لعمال الحقول والمناجم، والمجاري الصحية، والمسالخ، والبيطرة بلبس أحذية تغطي الساق وقفازات ثخينة ومتينة تحمي اليدين، واستعمال اللقاح.
    ـ تلقيح الحيوانات الأهلية (الكلاب والقطط) والمواشي لمنع إصابتها ونقل المرض.
    ـ التثقيف الصحي بالندوات ووسائل الإعلام لإيضاح طرق العدوى وتجنب ملامسة الماء الملوث أو الاستحمام به أو السباحة فيه.
    ـ مكافحة القوارض باستعمال مبيداتها الشديدة السمية مثلاً (فلورو خلات الصوديوم) ومراقبة أحواض السباحة.
    ـ معالجة الحيوانات الأهلية المصابة وعزلها.
    أما معالجة الإنسان فيجب أن تطبق قبل مضي يومين إلى أربعة أيام من بدء المرض. أما بعد حدوث الأذية الوعائية أي بعد اليوم الخامس فإن المعالجة تصير غير مؤثرة. ومن حسن الحظ أن المرض لا يستفحل، إذ تتطور بعض الإصابات من نفسها نحو الشفاء في 2-3 أسابيع. وتعتمد المعالجة في بدء الإصابة على الصادات antibiotics وتشرك مع حمية سائلة سكرية ومعالجة كبدية ومقويات وعائية.

    برهان الدين الحفار

  3. #533
    البزل

    البزل puncture مداخلة طبية بسيطة الغاية منها سحب سائل أو غاز من جوف طبيعي أو مرضي في الجسم، أو سحب خلايا من عضو من الأعضاء وذلك للتشخيص أو العلاج.
    بزل السوائل والغازات
    السوائل التي تبزل متنوعة بعضها طبيعي كالدم والسائل النخاعي والسائل الأمنيوسي وبعضها مرضي كالقيح والحبن وانصباب الجنب وانصباب التامور وانصباب المفاصل، أما الغازات فمنشؤها دائماً مرضي.
    ـ يبزل الدم بإبرة ومحقنة عادية تدخل في أحد الأوردة بعد تطهير المنطقة بمادة مطهرة، والغالب أن تدخل في أحد الوريدين الزندي أو الكعبري في منطقة المرفق، وإن تعذر ذلك يجرى البزل من أحد الأوردة على سطح اليد، بعد أن يضغط أعلى منطقة البزل برباط ضاغط لتنتبج الأوردة وتسهل رؤيتها وبزلها ويزال الضغط فور خروج الدم إلى المحقنة، ومتى امتلأت المحقنة بكمية الدم المطلوبة حسب أنواع التحاليل المراد إجراؤها تسحب الإبرة ويضغط مكانها بقطعة قطن مبللة بمادة مطهرة بضع دقائق كي لا يتسرب الدم من مكان الإبرة لتحت الجلد أو خارجاً.
    ويبزل الدم لإجراء تحاليل مختلفة بعضها لكشف التغيرات الطارئة على كمية العناصر المركبة للدم ومنهاالكريات البيض والكريات الحمر والصفيحات، ومعادن كالكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم، ومواد عضوية كالبولة والكرياتين والشحوم والسكريات، وخمائر كالليباز والترانساميناز والبروترومبين، وهرمونات كالإستروجيناتوالتستوسترون وهرمونات النمو وغيرها. وتجرى بعض التحاليل لمعرفة زمرة الدم أو زمن التخثر وزمن النزفوسرعة التثفل، وغير ذلك من التحاليل التي يستند إلى نتائجها لتشخيص الأمراض وتطورها. وقد تكشف في الدم عناصر غير موجودة أصلاً فيه كالجراثيم التي يحدد نوعها وتزرع لإجراء التحسس الدوائي ضدها مما يفيد في توجيه المعالجة.
    ـ ويبزل السائل النخاعي بإبرة خاصة طويلة في داخلها مرود mandrin، يوضع المريض بوضعية الجلوس على حافة السرير أو على كرسي وظهره منحنٍ للأمام، تدخل الإبرة في المسافة الشوكية بين الفقرتين القطنيتين الرابعة والخامسة ويسحب المرود عندئذ ليسيل السائل ويجمع في أنبوب خاص لإجراء التحاليل المطلوبة وهي كذلك كيميائية أو حيوية أو جرثومية. ويجرى البزل أحياناً لقياس ضغط السائل النخاعي الذي يتغير في بعض الأمراض العصبية أو الرضوض.
    (صورة رقم1) يستلقي المريض على جانبيه (ورأسه بالاتجاه الأيسر). بعد حقن مخدر موضعي تبتزل المسافة بين القطعتين القطنيتين 4/5. ومن ثم يسحب المرود فتظهر نقطة من السائل النخاعي. يوضع حنفية ذات اتجاهات ثلاثة، ومقياس للضغط لقياس الضغط وأخذ عينة للفحص.
    ـ ويبزل الجنب للتشخيص والمعالجة في انصبابات الجنب الحادثة ببعض أمراض الرئتين أو المنصف أو القلب من أورام وغيرها، أو بالرضوض الصدرية أو حين وجود انصباب غازي.
    يحدد نوع السائل المبزول وما إذا كان مصلياً أو قيحياً أو دموياً أو كيلوسياً، وتجرى فيه التحريات المطلوبة كيميائياً أو حيوياً أو جرثومياً أو خلوياً.
    يجرى بزل الجنب والمريض بوضعية الجلوس، تدخل الإبرة الخاصة في الورب السابع أو الثامن مماشية الحافة العليا للضلع المناسب تجنباً لإصابة الأوعية التي تسير محاذية الحافة السفلية للأضلاع.
    ـ ويبزل التامور حين وجود انصباب تاموري للتشخيص أو العلاج بإدخال إبرة البزل بين الذيل الخنجري والحافة الضلعية اليسرى بزاوية 30 درجة من سطح جسم المريض ثم تدفع الإبرة نحو الأعلى وتوصل بمحقنة لإفراغ السائل الموجود أو إجراء التحاليل المختلفة اللازمة فيه.
    ـ ويبزل السائل الأمنيوسي في الشهر الثالث من الحمل عبر جدار البطن وبمراقبة الصدى echographyلتحري بعض المواد فيه كالألفا فوتوبروتين الذي يدل وجوده على تشوه في الجملة العصبية للجنين أو لزرع الخلايا الموجودة فيه لدراستها من الوجهتين الصبغية والكيميائية لكشف التشوهات المحتملة في الجنين ولاسيما في الحوامل كبيرات السن أو في الأزواج الذين يوجد في سوابقهم الإرثية مثل هذه التشوهات.
    ويبزل السائل الأمنيوسي للعلاج حين الإصابة بموه الأمنيوس الشديد لتخفيف ضغط أحشاء البطن والصدر وهي معالجة مؤقتة ريثما يتخذ التدبير المناسب.
    ـ ويبزل رتج دوغلاس تحت مراقبة جهاز الصدى للحصول على البيوض المحرضة وتلقيحها في الإخصاب المساعد (طفل الأنبوب).
    ـ ويبزل مفصل الركبة لإفراغ انصباب مصلي ناجم عن التهاب مزمن أو انصباب دموي ناجم عن رض بغية تخفيف الضغط ونزع الخثرات التي قد تكون موجودة وتعيق بتعضيها حركة المفصل في المستقبل.
    ـ وتبزل المثانة عند حدوث أسر بولي تام ولم ينجح إدخال قثطرة في الإحليل لإفراغها، فتوضع القثطرة بمساعدة البزل، كما تبزل الحويضة المستسقية بمساعدة الصدى لوضع قثطرة فيها حين وجود استسقاء كلوي بسبب حصاة سفلية أو ارتشاح ورمي وهو إجراء مؤقت لتحسين وظيفة الكلية ريثما يجرى العمل الجراحي المناسب.
    ـ وتبزل الخراجات في أي مكان من الجسم لتفريغ المجمع القيحي أو لتكون الإبرة البازلة دليلاً للمبضع الذي يشق بهالخراج لتفجيره.
    ويجرى البزل كذلك لتفريغ التجمعات المصلية أو الدموية إجراءً مؤقتاً قبل العمل النهائي اللازم.
    بزل الخلايـا
    الغاية منه رشف مجموعة من الخلايا من عضو ما بإبرة رفيعة لفحصها فحصاً مجهرياً، أو فحصها فحصاً مناعياً كيميائياً، أو دراستها جرثومياً لكشف سلامتها أو كشف ما فيها من تبدلات تدل على طبيعة بعض الآفات الورمية أو غيرها.
    تسمى هذه الطريقة الرشف بالإبر الرفيعة fine needle aspiration (ويرمز لها اختصاراً بـ F.N.A) كما تسمى الرشف الخزعي الخلوي aspiration biopsy cytology (ويرمز لها اختصاراً بـA.B.C) لأن أخذها يقرب من أخذ الخزعات.
    ويدخل في هذا الباب بزل الحيوانات المنوية بوساطة إبرة تدخل في البربخ للحصول عليها لإجراء الإخصاب خارج الجسم (طفل الأنبوب) في حال وجود انسداد أو تشوه ساد في الطرق المنوية.
    تحتاج هذه الطريقة عدا الإبرة والمحقنة لأدوات خاصة والاستعانة أحياناً بالصدى أو بالتصوير الطبقي المحوري. وتؤخذ الخلايا بوساطتها من الثدي أو الكبد أو المبيض أو المشيمة أو غيرها من الأعضاء لتحري الأورام أو الآفات الخمجية أو الآفات المناعية وغيرها.

    محمود بكري السـقعان

  4. #534
    البطن (أمراض ـ)

    يضم جوف البطن معظم أعضاء الجهاز الهضمي، وقد تصاب هذه الأعضاء بأمراض كثيرة منها الحادة ومنها المزمنة، وفي حين تتطور الأمراض المزمنة ببطء يسمح بإجراء الاستقصاءات اللازمة ووصف العلاج المناسب، تظهر الأمراض الحادة فجأة وتتطور بسرعة مما يستدعي التشخيص العاجل والمعالجة السريعة التي كثيراً ما تكون جراحية.
    يتظاهر كل مرض بمجموعة من الأعراض التي تساعد على التشخيص السريري، وفي حال تشابه الأعراض يلجأ للاستقصاءات غير السريرية، كالاستقصاءات الشعاعية والمخبرية والتنظيرية، وأهم الأعراض التي تتظاهر بها أمراض البطن ألم البطن والغثيان والقيء والإسهال والنزف الهضمي ونقص الشهية ونقص الوزن وعسرة البلع واليرقان والشعور بكتلة في البطن. ويأتي ألم البطن في مقدمة هذه الأعراض إذ يصادف في أغلب أمراض البطن ولاسيما الحادة، ويساعد مكان توضعه وجهة انتشاره في وضع التشخيص. ولتحديد موضع الألم بدقة قُسّم البطن إلى أربع مناطق بخطين متعامدين يتقاطعان في السرة وتسمى الربع العلوي الأيمن والربع العلوي الأيسر والربع السفلي الأيمن والربع السفلي الأيسر.
    أمراض البطن الحادة
    تضم هذه الأمراض، الآفات الرضية ومتلازمات الانسداد والمتلازمات الصفاقية والمتلازمات الوعائية.
    ـ الآفات الرضية trauma: يتعرض البطن لمختلف الشدّات التي تؤدي إلى الرضوض contusions أو إلى الجروح، تصيب الرضوض على الأكثر الطحال ثم الكبد فالكلية فالمعثكلة.
    يتمزق الطحال برض مباشر على جدار البطن العلوي الأيسر أو إثر السقوط من شاهق أو مرافقاً لكسور رضية للأضلاع اليسرى الأخيرة من رض موضعي ناتج مثلاً من رفسة حصان أو من حادث. وينجم عن تمزق الطحال نزف غزير داخل الصفاق يؤدي إلى مشهد فاقة الدم فوق الحادة مع هبوط الضغط الشرياني والشحوب وحالة الغشي، ويكون الإسعاف باستئصال الطحال وإعادة كتلة الدم بنقل الدم.
    أما رض الكبد فيحدث إثر رض على ناحية ويتمثل بشق واحد أو بعدة شقوق تظهر في نقاط اتصالها بالحجاب الحاجز، ويتظاهر بآلام بطنية وعلامات الصدمة النزفية، ويساعد تخطيط الصدى (الإيكو) في التشخيص وغالباً ما تحتاج التمزقات الكبيرة إلى المداخلة الجراحية.
    وتصاب المعثكلة في الرضوض الشديدة كانهراس البطن بين الأرض وعجلة سيارة ويتظاهر بتقفع جدار البطن، ويرافق ذلك أحياناً قيء مدمى.
    أما جروح البطن بالسلاح الأبيض أو بالطلقات النارية فقد تصيب كل الأحشاء أو الأوعية الكبيرة، وقد تجمع أحياناً بين آفات بطنية وآفات صدرية، وكثيراً ماتصاب الأحشاء المجوفة كالمعدة أو الأمعاء مما يؤدي إلى التهاب الصفاق الحاد مع تقفع جدار البطن.
    وعملياً يجب استقصاء كل جرح نافذ للبطن جراحياً، وتستقصى خلاله كل الأحشاء البطنية.
    ـ المتلازمات الانسدادية: قد يكون الانسداد وظيفياً من دون وجود عائق آلي كما يحدث في العِلّوص ileus (وهو انفتال عرى الأمعاء) الشللي عقب المداخلات الجراحية أو عقب التهاب الصفاق البطني، أو يكون آلياً ينجم عن وجود عائق ضمن الأمعاء كورم فيها أو عن وجود عائق خارجها يزويها كاللجم الناجمة عن مداخلات جراحية سابقة، أو ينجم عن انفتال عروة معوية حول محورها، وفي هذه الحالة تنسد لمعة الأمعاء وتنفتل أوعيتها المغذية أيضاً مما يعرضها للتموت بسرعة، وفي كل هذه الحالات يؤدي الانسداد إلى رُكود السوائل والغازات فوق العائق مما يسبب آلاماً بطنية متقطعة تسمى القولنجات تنجم عن تقلصات الأمعاء الشديدة للتغلب على العائق، كما تسبب الإقياء الذي يشتد ويغزر تدريجياً وعدم مرور المواد ولاسيما الغازات وهي أهم علامة، ويؤدي ذلك إلى تمدد البطن «وتطبله» أو انتفاخه. وتبدو بالفحص الشعاعي بوضعية الوقوف مستوياتُ السائل، وهي جيوب مائية هوائية بمستويات أفقية تُظهر العرى المعوية المتمددة، وتؤثر هذه الأعراض في الجسم كله محدثة نقصاً في امتصاص المواد الغذائية وفي سوائل الجسم، وتتأثر بذلك حالة المريض العامة، وقد ينتهي الأمر بالوفاة إذا لم يسعف المريض بالتدخل الجراحي المناسب لإزالة العائق وإعادة جريان المواد المحتبسة، وقد يكون من الضروري استئصال قطعة من الأمعاء إذا كانت متموتة.
    ومن أشكال الانسداد الانغلاف المعوي الحاد الذي يصيب الرضع الصغار خاصة وتدخل فيه العروة المعوية الرقيقة الأخيرة في جوف القولون ويسير اللفائفي تدريجياً مهاجراً إلى القولون الأيمن ومنه نحو المستقيم، ويبدو بالإقياء وتوقف البراز والنزف الشرجي البسيط. وإظهار الأمعاء شعاعياً بالحقنة الباريتية يحدد موقع الانسداد وقد يزيل الانغلاف أحياناً.
    ـ متلازمة التهاب الصفاق البطني (التهاب البريطوان الحاد): تحدث نتيجة تسرب شيء من محتوى الأنبوب الهضمي إلى جوف البطن مما يخرش غشاء الصفاق، ويكون في البدء كيماوياً ثم يصير جرثومياً بسبب احتواء الأنبوب الهضمي أعداداً كبيرة جداً من الجراثيم. من أسباب هذه المتلازمة انثقاب قرحة المعدة أو قرحة العفج[ر] أو انثقاب الأمعاء في الحمى التيفية[ر] أو انثقاب الزائدة الدودية[ر].
    تبدأ الأعراض بألم حاد في مكان العضو المثقوب ثم يعم كامل البطن مع صلابة جداره (تقفع البطن) وقيء متكرر وتوقف الغازات، يرافق ذلك تردي الحالة العامة البادي بارتفاع الحرارة وتسرع النبض وهبوط الضغط مع عطش شديد حين تقدم الحالة مالم يجر التداخل الجراحي اللازم.
    ويكون تقفع البطن موضَّعاً في التهاب الصفاق الموضّع الذي يُكوِّن فيه الصفاق حاجزاً من الالتصاقات حول الآفة يمنع إصابة جوف الصفاق العام بالخمج كما يحدث في تقفع المنطقة تحت الكبد في التهاب المرارة الحاد والتقفع الحرقفي الأيمن في التهاب الزائدة المتقيح والتقفع في أسفل البطن في التهاب الملحقات الحاد.
    ـ المتلازمات الوعائية: من هذه المتلازمات، التهاب المعثكلة الحاد النزفي واحتشاء الأمعاء، والنزوف الهضمية في ارتفاع الضغط في وريد الباب hypertension portale.
    ـ يحدث التهاب المعثكلة الحاد بسبب انهضام الغدة الذاتي الحقيقي لمرور الصفراء في القناة المعثكلية الأساسية (قناة ويرسونغ Wirsung) وتفعيلها الخمائر المعثكلية والليباز lipase والأميلاز amylase والتريبتاز tryptase التي تهضم النسيج الغدي مؤدية إلى احتشاء المعثكلة.
    بدء الآفة حاد ويتظاهر غالباً بعد أخذ وجبة كبيرة وكثيرة الدهون حيث تظهر بآلام بطنية حادة وبنبض سريع وقيء ومزيج من علامات انسدادية وعلامات صفاقية، وأفضل علامة لوضع التشخيص ارتفاع مقدار الأميلاز في الدم الذي يترافق أحياناً وزيادة سكر الدم، وتطور الآفة غالباً خَطِرٌ يؤدي إلى تنخر المعثكلة المنتشر.
    ـ يحدث احتشاء الأمعاء إثر الانسداد الحاد لشريان الأمعاء الدقيقة (المساريقي العلوي) ويشاهد في المرضى المصابين بتصلب الشرايين ويضاف إلى الركود الشرياني خثرة فجائية، ويلاحظ في سوابق المريض آلام وإسهالات.
    يظهر المرض بآلام شديدة حول السرة مع هبوط الضغط الشرياني ونزف شرجي أحياناً، والبطن منتفخ كما في الانسداد، ولكن القرع يبدي صَمَماً دون تقفع صريح، وبالفحص الشعاعي تبدو الأمعاء متمددة من دون مستويات سائلة، وقد ُتكْتشف أحياناً العرى المحتشية بمنظرها المخطط. الإنذار سيء وغالباً ماتكون العرى متموتة مما يستدعي استئصال قسم كبير من الأمعاء الدقيقة ومن القولون مما يهدد الحياة بعد ذلك.
    ـ إن ارتفاع الضغط في وريد الباب متلازمة تفسر وجود عائق لجريان الدم فيه يؤدي إلى ارتفاع الضغط البابي الذي يرتفع من 10 إلى 30 أو 40سم من الماء، وهو ينجم عن تشمع الكبد أو عن عائق خارج الكبد كخثار thrombose وريد الباب، ويؤدي إلى توسع أوعية المعدة والمري السفلي (الدوالي)، وقد تتمزق هذه الدوالي تحت المخاطية مسببة نزوفاً غزيرة، حيث يحدث قيء دم hematemese وهو انطراح دم أحمر من الفم في أثناء الجهد حين القيء، أو تغوط دم melena إذا انطرح عن طريق الشرج دم أسود مهضوم جزئياً.
    والمعالجة الوحيدة المفيدة هي تحويل الدم البابي المرتفع التوتر إلى الوريد الأجوف السفلي أو إلى الوريد الكلوي الأيسر حيث يبقى الضغط منخفضاً، وتسمى هذه العملية المفاغرة البابية الأجوفية.
    وقد ينجم النزف الهضمي العلوي (قيء الدم) عن قرحة عفجية أو معدية أو عن التهاب المعدة الناجم عن استعمال بعض الأدوية المخرشة... وينجم النزف السفلي (تغوط الدم) عن بقايا نزف علوي أو بسبب إصابة نازفة في القسم السفلي لأنبوب الهضم كالبواسير[الباسور] وأورام المستقيم والقولون. وتساعد الأشعة والتنظير العلوي والسفلي في وضع التشخيص.
    الأمراض المزمنة
    إلى جانب الأمراض الحادة التي تستدعي غالباً المداخلات الجراحية الإسعافية هناك الأمراض المزمنة المختلفة التي يتطلب بعضها المداخلات الجراحية حين تشخيصها (كالأورام واليرقان الناجم عن انحباس الصفراء بحصاة في القناة الجامعة) أو حين إخفاق المعالجات الدوائية (كقرحة المعدة) أو حين حدوث اختلاط يعرقل سيرها (كاختناق الفتق). ونذكر من هذه الأمراض:
    ـ فتوق جدار البطن: هي بروز جزء من الأمعاء والأنسجة الشحمية من داخل البطن لتحت جلد جداره من خلال فوهة موجودة فيه، تكثر في الناحية المغبنية عند الذكور وفي ناحية السرة عند الإناث. وتبدو بشكل كتلة يشتد بروزها حين الوقوف أو الجهد وتختفي حين الاضطجاع أو حين ضغطها، وقد يكون بروز الفتق ورجوعه مؤلمين إذا كان حجمه كبيراً بالنسبة للفوهة، وقد يتعذر رد الفتق إلى داخل البطن إذ يحدث آلاماً شديدة مع أعراض تشبه أعراض انسداد الأمعاء، ويسمى هذا اختناق الفتق الذي يجب رده بمعالجة جراحية سريعة.
    ـ الفتوق الحجابية: تحدث بمرور بعض أحشاء البطن من الحجاب الحاجز باتجاه الصدر مما يحدث خللاً في أداء هذه الأعضاء ووظيفتها. والمعدة أكثر أعضاء البطن تعرضاً لذلك لقربها من الحجاب الحاجز، ويؤهب انفتاقها لارتداد عصارتها الحامضة باتجاه المريء مما يحدث آلاماً وحرقة خلف القص مع حس الحموضة في البلعوم، يشخص المرض بالصورة الشعاعية وبتنظير المعدة، ويعالج بالحمية الطعامية بالامتناع عن المواد الحامضة والمخرشة وبالأدوية المضادة للإفراز الحامضي. وفي الحالات التي تستعصي على المعالجة الدوائية يمكن إصلاح الخلل جراحياً.
    ـ القرحة المعدية [ر]: هي احتفار في الغشاء المخاطي للمعدة أو العفج وهو الأغلب، ويعزى حدوثها لفعل العصارة المعدية الحامضة والهاضمة للبروتينات في الغشاء المخاطي ولتأثير جرثومي، وهناك الكثير من العوامل المؤهبة لحدوث القرحة منها الجنس، فهي أكثر حدوثاً لدى الذكور، ومنها السن، فهي أكثر حدوثاً في سن الشباب، كما تكثر مشاهدتها في من يتعرضون للشدة النفسية أو الذين يكثرون من تناول المواد المخرشة للغشاء المخاطي المعدي أو التي تزيد من إفراز العصارات كالكحول والتدخين والبهارات أو الأدوية المخرشة.
    ـ تضيق البواب: البواب هو مخرج المعدة باتجاه العفج وقد يتعرض للتليف والتضيق بسبب تكرار الهجمات القرحية الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة في انفراغ المعدة وحدوث القيء المتكرر ونقص التغذية وتعالج هذه الحالة بالإصلاح الجراحي.
    ـ الأورام البطنية: قد يتوضع المرض في أي عضو من أعضاء البطن سواء منها الأعضاء الجوفاء أو الممتلئة وهي إما سليمة وإما خبيثة. وأكثر الأورام السليمة مصادفة المُرجَّلات التي قد تصيب أي جزء من أنبوب الهضم من الفم حتى الشرج. ولكنها تحدث في الأقسام السفلية أكثر من حدوثها في الأقسام العلوية. بعض هذه المُرجَّلات سليم تماماً وبعضها قد يتحول إلى خبيث لذا يجب استئصالها.
    أما الأورام الخبيثة فتصيب أيضاً كل أجزاء الأنبوب الهضمي. تتظاهر بأعراض مختلفة أهمها: النزف الهضمي العلوي أو السفلي، وفقر الدم، ونقص الشهية، ونقص الوزن، والضعف العام والتعب. وفي مرحلة متقدمة قد يبلغ الورم حجماً يؤدي إلى حدوث انسداد يتظاهر بالأعراض الانسدادية التي سبق ذكرها. كذلك يمكن أن يتظاهر المرض بشكل كتلة بطنية، يوضع التشخيص اعتماداً على الشك السريري ثم بالوسائل التصويرية المختلفة. ومن ثم بالتنظير الهضمي العلوي أو السفلي، ويحتاج معظم هذه الأورام إلى الاستئصال الجراحي إذا وضع التشخيص باكراً.

    عصام العجيلي

  5. #535
    البلهارزيات (داء ـ)

    داء البلهارزيات Bilharzia خمج طفيلي، منتشر في مناطق واسعة من العالم، ينجم عن دودة مسطّحة تعيش في الجملة الوعائية حيث تتغذى بالدم، وتخرج بيوضها مع البول أو البراز مسببة بيلة دموية مع اضطرابات بولية وأعراضاً هضمية وفقراً دموياً.
    لمحة تاريخية
    داء البلهارزيات مرض قديم شوهدت بيوض عامله الممرض متكلسة في أوعية مومياء مصرية من عصر السلالة التي حكمت مصر في القرن الثالث عشر قبل الميلاد (1250 ق.م). وذكره الأطباء العرب باسم «الداء المحدث لحيض الرجال» وفي العصر الوسيط، ذكروا حدوث بيلات دموية بين أفراد القوافل القادمة من السودان.
    وفي عام 1851 شاهد الطبيب الألماني تيودور بلهارز (1825-1862) Theodor Bilharz، حين كان يعمل طبيباً في القاهرة، ديداناً كهلة في الوريد المساريقي لمريض يشكو إسهالاً وبيلة دموية. فأطلق على الدودة اسم دودة بلهارز.
    وفي عام 1858، أطلق وِنلاند Weinland عليها اسم المُنْشَقَّة Schistosoma وذلك لوجود شق طولي في جسم الذكر.
    كما شاهد فوجيرو كاتسورادا F.Katsurada في اليابان عام 1904، لدى فحصه براز المصابين بداء كتياما بيوضاً ذات مهماز جانبي صغير.
    وفي عام 1907 تمكن سامبون Sambon من التفريق بين نوعين من المنشقات اعتماداً على شكل البيضة. فأطلق على التي تطرح بيوضاً ذات مهماز قطبي اسم المُنشقَّة الدموية S.haematobium، وعلى التي تطرح بيوضاً ذات مهماز جانبي كبير اسم المنشقة المنسونية S.mansoni، وعلى التي شاهدها كاتسورادا اسم المنشقة اليابانية S.japonicum.
    وفي عام 1915 أثبت ليبر Leiper دورة حياتها الكاملة وحاجة أنواعها إلى مضيف متوسط من الحَلَزون snails.
    صفات المنشقة
    المنشقات ديدان منبسطة مفترقة الجنس، لها محجم أمامي قمعي وآخر بطني مُسوِّق pedunculate تفصلهما مسافة صغيرة (1) ملمتر تقريباً. يختلف قياس المنشقة وشكلها بين الذكر والأنثى وبين أنواعها المختلفة.
    يبدو الذكر بلون أسمر فاتح، وتبدو الأنثى التي هي أطول من الذكر دوماً بلون أحمر قاتم مسود، وشكلها أسطواني. تتصف بيضة المنشقة الدموية بأنها بيضوية مغزلية، نهايتها الأمامية مدورة والخلفية مخروطية ذات ناتئ (مهماز spur) صغير، أما بيضة المنشقة المنسونية فهي بيضوية، لكن نهايتها الأمامية منحنية، وتحتوي الخلفية بالقرب منها استطالة مخروطية طويلة (مهماز جانبي).
    وتكون بيضة المنشقة اليابانية كروية تقريباً وبالقرب من نهايتها الخلفية حدبة protuberance صغيرة (مهماز جانبي).
    دورة حياة المنشقات وانتقالها
    1- الذوائب التي تسبح حرة في الماء
    2- تدخل الجلد
    3- في أثناء دخولها تعقد أذنابها.
    4- تهاجر في دوران الدم عبر الرئتين والكبد إلى أوردة المثانة«المنشقة الدموية» أو الأمعاء «المنشقة المنسونية والمنشقة اليابانية» حتى تصير ناضجة.
    5- تطرح الدودة الكهلة بيوضاً وصفية.
    6- في 6-12 أسبوعاً، تجتاز البيوض المثانة أو القولون لتنتقل إلى البول أو البراز.
    7- تنشق البيضة في الماء ويخرج منها جنين مهدب يبحث عن مضيف.
    8- يدخل الجنين المهدب في إحدى القواقع ليتم نضجه ليعطي كيسة البيوض.

    الشكل (1) جدورة حياة المنشقات
    يختلف المضيف النهائي للمنشقات بحسب أنواعها، فالمنشقتان الدموية والمنسونية تتطفلان على الإنسان والنسناس monkeys، وتتطفل المنشقة اليابانية على الإنسان والكلاب والقطط والماشية والخيول والخنازير.
    كما يختلف مكان توضع أنثى المنشقة الملقحة عند طرحها بيوضها، فأنثى المنشقة الدموية الملقحة تتوضع في الضفيرة البابية، ثم يذهب قسم منها عند طرح البيوض إلى أوعيةالمستقيم وينحاز أغلبها إلى الضفيرة المثانية. أما أنثى المنشقة المنسونية فتنحاز إلى الأوعية تحت المخاطية للقولون النازل والمستقيم ويذهب قليل منها إلى الضفيرة المثانية، أما أنثى المنشقّة اليابانية فتتوضع فقط في أوعية الأمعاء الدقيقة والقولون الصاعد.
    تبدأ الإناث بطرح بيوضها بعد 28-50 يوماً من بدء الخمج ويراوح عددها يومياً بين 30- 1000 بحسب نوع المنشقة. تخرج بيوض المنسونية عادة مع البراز يرافقها الدموالمخاط وقد تخرج نادراً مع البول، وتخرج بيوض الدموية مع البول وقليل منها مع البراز. أما بيوض اليابانية فلا تخرج إلا مع البراز.
    لابد لهذه البيوض لإتمام دورة حياتها من وصولها إلى الماء. فإذا كان الوسط ملائماً انشق غلاف البيضة بعد 2ـ 6 ساعات من وصولها إلى الماء. أما إذا كان الجو بارداً فيتأخر انشقاق البيضة، ويمكن للجنين أن يبقى حياً فيها مدة 28 يوماً.
    عند انشقاق البيضة يخرج منها جنين محاط بأهداب (طُفَيْل مهدب miracidium) يمكنه البقاء حياً في الماء مدة 8ـ20 ساعة يفتش عن مضيف host متوسط ملائم من الرخويات mollusca.
    حينما يجتمع الطفيل المهدب بالرخوي المناسب يدخل ليصل إلى جوفه العام حيث يتكاثر بطريقة لاجنسية (إنتاشية)، ويتحول بعد أسبوع إلى كيسة من النسل الأول، تنتقل في نهاية الأسبوع الثالث إلى كبد الرخوي. وهنا بعد أن تنضج يتمزق غلافها ويخرج منها عدد من أكياس نسل ثانٍ، تتشكل ضمنها مُذَنَّبات cercariae تُحرَّر بانشقاق الكيسة. ثم تخرج المُذَنَّبات من الرخوي، بتأثير الشمس والحرارة، بمعدل 50-500 مُذَنَّبة يومياً.
    إن أفضل درجة حرارة لإنجاز هذه الدورة التكاثرية هي 32- 33ْس، ويتطلب إنجازها 2- 12 أسبوعاً. وتتضاعف المدة كلما انخفضت الحرارة خمس درجات.
    حين تخرج المذنبة من الرخوي؛ تكون بشكل مثقوبة صغيرة وشكلها إجاصي له ذيل طويل مشقوق النهاية. وتكون لحافتها مستورة بأشواك spines دقيقة.
    تتنبه المذنبات بحركة الماء الناجمة عن سباحة البشر أو الغسل فيه فتنشط حركتها وتقترب بسرعة من الإنسان، فتجتاز جلده بمعونة أشواكها الأمامية وإفراز غددها الرأسية تاركة ذيولها خارج الجلد، وتصل بعد 24 ساعة إلى الوريدات المحيطية، لتنتقل مع التيار الدموي إلى النصف الأيمن من القلب فالشعريات الرئوية فالنصف الأيسر من القلب فالدوران العام فالبابي الذي تصل إليه إما مباشرة بدورة واحدة وإما بعد عدة دورات. وقد تسلك بعض خلائف المذنبات metacercariae طريقاً أُخرى فتخرج من الشعريات الرئوية إلى نسيج الرئة ثم تجتازه وتخترق الجنب فالحجاب الحاجز فالصفاق لتصل إلى الكبد، عندئذ تجتاز محفظة الكبد وخلاياها لتبلغ الجملة البابية. أما خلائف المذنبات التي لا تصل إلى الدوران البابي، سواء عن طريق الدوران أو اجتياز النسج، فإنها تموت ويتخلص الجسم منها بالبلعمة.
    الإمراض
    في المرحلة الأولى الممتدة من دخول المذنبة في الجلد حتى بدء طرح البيوض، يكون الإمراض متشابهاً في أنواع المنشقات الثلاثة، وفي مرحلتي طرح البيوض وترمم النسج، يختلف موضع التبدلات المرضية باختلاف مكان طرح البيوض أو انحباسها. ففي نوع الدموية تكون أكثر التبدلات في المثانة والجهاز التناسلي وقليل منها في المستقيم. وفي نوع المنسونية تُشاهد أكثر الآفات في الأعور والقولون والمستقيم وقليل منها في المثانة، أما آفات اليابانية فتتوضع في الأمعاء الدقيقة.
    إمراض المرحلة الأولى:
    ـ يسبب اجتياز المذنبات الجلدَ رضّاً ونزفاً نمشياً ثم يختفي بعد ثلاثة أيام إلى أربعة. وينجم عن موت عدد من المذنبات، بعد ساعات قليلة من اختراقها الجلد، التهاب موضعي وتحسس لمستضداتها يتظاهر بطفح جلدي.
    ـ تُسبب مفرزات خلائف المذنبات وما تطرحه من مستقلبات عند انتقالها تحت الجلد وضمن السبيل الدموي، ارتشاحات في نسج ما تحت الجلد والرئة، والعقد اللمفية، وتظاهرات تحسسية بشكل اضطرابات تنفسية ربوية وشرى معمم وزيادة في نسبة الحمضات.
    ـ ينتج من توضع الديدان اليافعة في الدوران البابي وتخريشها للأوعية التهاب ينم عليها.
    الأعراض السريرية
    تبدأ أعراض داء البلهارزيات بالشعور بوخز جلدي، بعد ملامسة ماء جار في منطقة موبوءة، يليه ظهور حَبَرٍ petechiaواندفاع حطاطي حاك يزول بعد 3ـ4 أيام ثم حدوث تظاهرات أَرَجيّة سمية، فيشعر المصاب بوعكة malaise ويشكو من صداع وقهم (فقدان الشهية إلى الطعام) anorexia وحمى مترددة وآلام عضلية وصدرية ونفث دم وظهور طفح شروي ووذمة تحت الجلد وحكة تدوم ثلاثة أسابيع.
    وفي طور طرح البيوض تستمر التظاهرات الأرجية وتتضخم الكبد وتحدث آلام بطنية، ثم تظهر أعراض خاصة بكل نوع من المنشقات بسبب اختلاف مواضع طرح البيوض.
    ـ في نوع الدموية: يشكو المصاب بالمنشقّة الدموية من ألم مبهم فوق العانة وحرقة في أثناء التبول وبيلة دموية مؤلمة في نهاية التبول وزيادة تواتر البول. كما يحدث عنده التهاب مثاني ثانوي وفقر دموي يشتد مع تقدم المرض، وقد تتشكل عنده أورام حليمية وسرطانية وحصيات بولية، كما يصاب لاحقاً بتشمع كبدي وحبن ascites. وتكون أعراض التوضعات المعوية والرئوية والدماغية مرتبطة بالعضو ومشابهة لأعراض كثير من آفاته. ويستمر المرض في الإصابات الخفيفة 20ـ30 سنة وينتهي في الإصابات الشديدة، بالموت بعد 2ـ5 سنوات بسبب القصور الكلوي أو الكبدي.
    ـ في نوع المنسونية: تتغلب لدى المصاب بالمنشقّة المنسونية، الأعراض المعوية الهضمية بشكل ألم معوي بطني وإسهال مخاطي دموي وزحير وتجفاف وضخامة شديدة في الطحال تصل حتى السرّة، وضخامة كبدية يرافقها تشمع مع ندرة حدوثاليرقان. وإذا أصيبت أوعية المريء تشكلت فيه دوالٍ مع نزوف متكررة وأدت لقيء دموي.
    وفي التوضع الرئوي، يرتفع ضغط الشريان الرئوي مسبباً استرخاء القلب، وأمهات دم في الشريان الرئوي.
    (صورة رقم1) منظر وصفي لخمج المنشقة المنسونية ويظهر فيه ضخامة كبدية طحالية كبيرة.
    ـ في نوع اليابانية: تكون الأعراض المشاهدة عند المصاب بالمنشقّة اليابانية معوية على الأخص كما في الإصابة بنوع المنسونية لكنها أشد خطورة ويرافقها فقرُ دم شديد.


    التشخيص
    يشك سريرياً بداء البلهارزيات حين شكوى الإنسان من بيلة دموية أو إسهال مخاطي دموي مع آلام خَثَلية أو بطنية، بعد تعرضه لملامسة مياه حقلية في منطقة موبوءة. ويتم التحقق من التشخيص برؤية البيوض الوصفية في القطرات الأخيرة من البول أو ثفالة جزء نهائي من التبول، أو بعد فحص قطعة مخاطية من البراز أو مسحة من المستقيم. وحين عدم طرح البيوض بسبب انحباسها، يمكن التحري عنها إما ضمن خزعة من الأورام الحبيبية أو الحليمية لجدار المثانة أو المستقيم، أو برؤية البيوض المتكلسة في الصورة الشعاعية للحوض والمثانة.
    ويُشخّص المرض في طور الهجرة وفي الخمج الوحيد الجنس (ذكور فقط) بالاختبارات المصلية. وأهم هذه الاختبارات هي المعتمدة على الترسب وتثبيت المتممة والتألق المناعي اللامباشر والرحلان المناعي immunoelectrophoresis.
    إن إيجابية هذه الاختبارات تدفع إلى التحري بدقة وبكل الوسائل عن البيوض، لأنها لا تشكل استطباباً للمعالجة، بل ترتبط المعالجة بطور طرح البيوض المسؤول عن الإمراض كما ذكر سابقاً.
    المعالجة
    لا توجد معالجة نوعية لالتهاب الجلد بالمنشقات بل تستعمل مضادات الحك (كالامين مع منتول أو فنول) ومضادات الهستامين. أما لطور طرح البيوض فتوجد أدوية مبيدة للمنشقات حديثة سميتها أقل من سابقتها.
    ولما كانت خطورة المرض تتناسب مع زيادة طرح البيوض، اعتمدت المعالجة على الإقلال من هذا الطرح وعدم تكرار المعالجة.
    والأدوية المفضلة لنوعي المنشقّة الدموية والمنسونية هي: البرازيكوانتيل praziquantel والميتريفونات metrifonateوالأوكزامنيكين oxamniquine التي تعطى عن طريق الفم. أما الدُّرْدي المقيِّء tartar emetic فيمكن استعماله علاجاً أخيراً في معالجة المنشقة اليابانية في حال عدم استجابتها للأدوية السابقة وذلك لشدة سميته.
    الوقاية والمكافحة
    يوُقى الإنسان من داء المنشقّات بعدم الخوض أو السباحة في المياه المشتبه فيها أو استعمالها.
    وعند الاضطرار إلى الخوض في هذه المياه في سياق السقاية التقليدية للمزروعات يمكن التوقي من الإصابة باستعمال أحذية مطاطية ذات ساق عال (جزمة).
    وتعتمد مكافحة المرض على قطع دورة حياة الطفيلي التي تضم مضيفاً نهائياً ومضيفاً متوسطاً وطرقاً للانتقال، لذلك لابد من كشف المصابين ومعالجتهم من دون الحاجة إلى عزلهم.
    كما يحال دون وصول البيوض إلى المياه بتوعية السكان صحياً لتجنب التبول والتغوط قرب مجاري المياه أو تجمعاتها وتوفير صرف صحي جيد.
    ومن طرق المكافحة التخلص من المضيف المتوسط بتبديل العوامل البيئية المساعدة على حياة الرخويات وتكاثرها وذلك بتجفيف أقنية الري دورياً وإزالة تجمعات الماء بردم المستنقعات، وقتل الرخويات بمواد كيمياوية كاستعمال مبيد القواقع (بايلوسيدPayluscide 70%)، الذي يرش في المياه الراكدة أو القليلة الجريان بعد تمديده بمعدل جزء بالمليون.
    الوبئيات
    يرتبط انتشار داء البلهارزيات، بشروط العيش الاجتماعية للسكان وعوامل بيئية تساعد على توفير دورة حياة المنشقات، وهي تشمل وصول بول أو براز مصاب بالمرض إلى ماء تعيش فيه رخويات مناسبة ثم ملامسة إنسان سليم لهذا الماء المحتوي على مذنبات المنشقّة.
    لذلك تشاهد إصابات المنشقّة في قرى زراعية مجاورة لأنهار أو مستنقعات تضم المضيف المتوسط المناسب (محارBulinus وحلزون Lymnaea) وتتوافر فيها العوامل والشروط المساعدة على تكاثر المضيف المتوسط ودوام حياته وحياة الطفيلي في داخله؛ ويتطلب هذا وجود مياه حلوة، ونباتات مائية وطحالب، لتغذية الصغار، وحرارة بين 22-26ْس ترافقها رطوبة مناسبة. كما أن الدورة الإنتاشية للمنشقّة لا تتم داخل الرخويات إذا انخفضت درجة الحرارة عن 41ْس مما يجعل داء المنشقّات مستوطناً ومنتشراً بين سكان المناطق الحارة والمعتدلة، ولا يشاهد في المناطق الباردة التي تقل درجة الحرارة فيها، طوال العام عن 41ْس. ويُقدر عدد الدول التي يستوطنها هذا الداء بتسع وسبعين دولة ويبلغ عدد المصابين به في العالم (350 مليون) شخص تقريباً. كما قدرت منظمة الصحة العالمية عام 1982 عدد المصابين به في مصر وحدها بعشرين مليون شخص.
    تنتشر إصابات داء البلهارزيا الدموي في شمالي إفريقية (مصر وبصورة أقل في المغرب والجزائر وتونس) وتمتد جنوباً حتى السودان وأثيوبية. وتمتد في وسط إفريقية من السنغال حتى الكونغو، كما تشاهد لداء المنشقات الدموي إصابات محدودة في العراق والجزيرة العربية وقليلاً في سورية.
    وتشاهد إصابات داء المنشقة المنسونية، في أغلب مناطق وجود النوع السابق في إفريقية ويكثر انتشارها في مصر والسودان (حوض النيل) وفي الساحل الغربي لإفريقية من السنغال حتى الغابون، وفي وسطها (الكونغو وأوغندة)، وفي ساحلها الشرقي من كينية حتى شمالي زمبابوي. كما تشاهد في مدغشقر واليمن وغربي الهند وأمريكة الجنوبية (البلاد المجاورة لحوض الأمازون).
    أما داء البلهارزيا الياباني فينتشر في الشرق الأقصى (اليابان وتايوان والفيليبين والصين).
    يعود تاريخ ظهور إصابات داء البلهارزيا الدموي في سورية إلى عام 1937 حينما قدمت قوات فرنسية من السنغال وتمركزت في شمالي سورية في منطقة قبور البيض وتل أبيض، ثم أخذت الإصابات تتزايد حتى بلغت عام 1966 نسبة المصابين في قرى حمام التركمان الواقعة على نهر البليخ وفروعه 16% من سكان تلك القرى. فبدئ بالتحري عن المرض ومعالجة المصابين ومكافحة المضيف المتوسط مما جعل الإصابات تتضاءل وتنخفض نسبتها في أماكن وجودها بمحافظتي دير الزور والرقة إلى 0.35% من سكان القرى المستهدفة.
    وبدراسة التقارير السنوية لشعبة مكافحة البلهارزيا في سورية تبين أن 81.55% من الإصابات تحدث عند الذكور، وأن84.47% من الإصابات تحدث قبل السنة الخامسة عشرة من العمر و7.12% من الإصابات تحدث بين السنة الخامسة عشرة والتاسعة عشرة و8.41% من الإصابات تشاهد عند أفراد تجاوز عمرهم التاسعة عشرة.

    برهان الدين الحفار

  6. #536
    البلوغ

    البلوغ puberty مرحلة زمنية في حياة الإنسان تفصل بين مرحلتي الطفولة والكهولة. لها مظاهر خاصة تنجم عن تبدلات هرمونية في كل من الذكور والإناث. وسيتناول البحث فيما يلي البلوغ من الناحيتين الطبية والنفسية.
    البلوغ من الناحية الطبية
    تبدأ حوادث البلوغ في الجنسين بتنبه الوطاء hypothalamus الذي كان مثبطاً في مرحلة الطفولة. ويؤدي تنبه الوطاء إلى انطلاق هرمونين نخاميين يفرزهما الفص الأمامي من الغدة النخامية هما: الهرمون المحرض للجريبات follicle stimulatinghormone (FSH) والهرمون المحرض للجسم الأصفر luteinizing hormone (LH). ففي الذكور يؤثر الهرمون الأول في خلايا سرتوليSertoli في الخصية وينظم تكون الأنيبيبات الناقلة للمني seminiferous tubules وتكون النطف وتنمو لذلك الخصية بتكاثر الأنيبيبات ونموها. أما الهرمون الثاني فيحرض خلايا لايديغ Leydig التي تشكل الغدة الخلالية في الخصية والتي تركب التستوسترون من الكولسترول.
    أما في الإناث فتنبه الوطاء يؤدي إلى إفراز الهرمون المحرر لموجهات المنسل gonadotrophin releasing hormone (GnRH)الذي يحرض النخامى على إفراز الهرمونين FSH وLH اللذين يحرضان الغدد التناسلية الأنثوية (المبيضين) على إفراز الاستراديول والبروجسترون اللذين يزدادان تدريجياً ويؤديان إلى حدوث البيض وتطور بطانة الرحم الذي ينتهي بحدوث الطمث العلامة الأكيدة الدالة على البلوغ، وتستمر الغدد التناسلية الأنثوية في إفراز هذين الهرمونين بعد البلوغ وفق نظام خاص يؤدي إلى حدوث الدورات الطمثية، وتنشط هرمونات أخرى في الجنسين كالهرمونات الجسدية somatotropin التي تؤثر في ازدياد الطول وموجهات قشرة الكظر corticotropin التي تؤثر في الكظرين وتحرضهما على إفراز الهرمونات المؤثرة في بعض حوادث الاستقلاب ونمو الجسم ونمو الأشعار، وموجهات الدرق وغيرها، وعلى عكس هذا كله تتراجع غدة التوتة thymus في طور البلوغ فينقص وزنها تدريجياً حتى الضمور.
    تؤدي المفرزات الهرمونية المختلفة إلى حدوث ظواهر عضوية ونفسية منها نمو الجسم وظهور الرغبة الجنسية لدى الجنسين، كما تؤدي إلى ظهور الأعراض والعلامات الثانوية التي تميز أحد الجنسين من الآخر.
    ففي الذكور يغلظ الصوت وتنمو الخصيتان ويصبح جلد الصفن رقيقاً وأحمر ثم يثخن بعد مدة ويتجعد ويصطبغ ببعض الأصباغ ويرافق ذلك نمو القضيب، وتنمو أشعار الوجه والإبطين والعانة التي تبدأ في قاعدة القضيب طويلة متفرقة ثم تتجعد وتقسو وتمتد إلى ارتفاع العانة ثم إلى إنسي الفخذين وعلى طول «الخط الأبيض» linea alba، وحين يكتمل نمو الأشعار يبدو مجموعها بشكله البيضوي المتميز. يرافق المراحل الأخيرة حدوث ميل إلى الجنس الآخر والاحتلام والانتعاظ أحياناً، والميل إلى السيطرة والتشبه بالرجال.
    أما في الإناث فينمو جسم الرحم ليصير مساوياً في طور البلوغ طول عنق الرحم ثم يستمر في النمو ليصبح طوله في سن النشاط التناسلي مثلي طول العنق، وتنمو بطانة الرحم لتبلغ نضجها حين ظهور أول طمث، ثم تتتالى التبدلات الدورية بعد ذلك، ومخاطية المهبل تصير وردية اللون، وتبدو في المهبل بعض المفرزات البسيطة، ويظهر فيه مولد سكر العنب وعصيات دودرلاين Doderlein وهي عصيات جرثومية غير متحركة تأخذ ملون «غرام» Gram وهي ضيف عادي للمهبل تنتج فيه حمض اللبن، فتضمن له بذلك الوقاية من كثير من الجراثيم، وتكون مخاطية المهبل حامضية التفاعل، وتظهر في اللطاخات المهبلية الأشكال الدالة على التشرب الإستروجيني، وينمو غشاء البكارة والشفران الكبيران اللذان تظهر عليهما الأشعار التي تكون في البدء طويلة غير متجعدة ثم تكثف وتتجعد وتثخن وتمتد فوق ارتفاق العانة ثم إلى الفخذين، ويكون شكلها حين اكتمالها بشكل المثلث المقلوب، وتظهر الأشعار كذلك تحت الإبطين، وينمو الثديان، ويصير شكلهما مخروطياً ثم كروياً وتبرز حلمتاهما، وتظهر الأرتاج الثديية حين ظهور أول طمث.
    يرافق كل ذلك تبدلات نفسانية تترك معها الفتاة ألعاب الطفولة وتستفيق الغريزة لديها، وتصير عاطفية تميل إلى المرح والتشبه بالنساء.
    هذه التبدلات الجذرية في الجنسين وخاصة استفاقة الغريزة الجنسية تجعل مرحلة البلوغ مرحلة حرجة يجب فيها توجيه الذكور والإناث على حد سواء الوجهة الصحيحة في حياتهم، ومراقبة كل تصرفاتهم مراقبة دقيقة لتجنب الانحرافات التي قد يصابون بها وتؤثر في مستقبل حياتهم كلها.
    سن البلوغ
    تختلف السن التي تبدأ فيها حوادث البلوغ باختلاف البيئات، وهي وسطياً بين ثماني سنوات وأربع عشرة سنة في الإناث وأكثر من ذلك بسنتين في الذكور وتمتد مرحلة اكتمال البلوغ في الجنسين من ثلاث سنوات إلى أربع. وإذا كان تحديد تمام النضج ممكناً عند الإناث بظهور الطمث فإنه غير ممكن في الذكور، وعدم ظهور الطمث لا يعني عدم البلوغ فقد تكون هناك أسباب تمنع من ظهوره مع أن البلوغ مكتمل.
    ويتعلق سن البلوغ بمؤثرات وراثية وبيئية وغذائية، وقد تبين أن سن البلوغ تدنت تدريجياً بدءاً من أوائل القرن التاسع عشر في بعض البلدان نتيجة تحسن الشروط الغذائية فيها، وينبه بعضهم على علاقة الوزن بالبلوغ، فإن البنات الصحيحات الجسم يرين الطمث حين يصير وزنهن 48كغ مهما كانت سنهن، أما النحيلات فيتأخر لديهن ظهور الطمث أحياناً.
    فتحديد سن البلوغ تحديداً دقيقاً غير ممكن على أن بعض التشريعات القضائية أو الشرعية تتطلب هذا التحديد، وهذا ماتقرره بعض المذاهب الدينية التي تحدد سن البلوغ بنهاية الخامسة عشرة من العمر في الجنسين، في حين يحدد غيرها سن الثامنة عشرة للذكور والسابعة عشرة للإناث.. وإذا كان لهذا التحديد قيمة من الوجهة الشرعية فإنه غير ممكن من الوجهة العملية. وهناك حالات يتقدم فيها البلوغ أو يتأخر لأسباب مرضية غدية أو عضوية.

    صلاح شيخة

  7. #537
    البهق

    يعد البهق vitiligo من الأمراض الجلدية الهامة بسبب شيوعه إذ يقدر انتشاره بنسبة 1٪ من مجموع سكان العالم.
    يعرف البهق بأنه مرض جلدي يتظاهر بشكل بقع ناقصة الصباغ تغطي مساحة متفاوتة من الجسم. يعود نقص الصباغ إلى اختفاء الخلايا القتامينية من الجلد والأغشية المخاطية والأجربة الشعرية مكان الإصابة.
    والبهق على سلامته واقتصار أعراضه على تبدل لون الجلد له انعكاسات نفسية مهمة على المصاب به خاصةً في بلادنا بسبب الموروث الفكري الذي يمزج بين هذا المرض ومرض الجذام النادر اليوم في بلادنا، والذي يعد من الأمراض المعدية والمشوهة بسبب إصابته الجلد والأعصاب والعديد من الأجهزة الداخلية بالجسم.
    إن سببيات البهق وآليته الإمراضية ما زالت مجهولة.
    ثمة نظريات عدة تفسر أسبابه منها النفسية والوراثية إذ إنه في 35٪ من المرضى في سوابقهم الأسرية إصابة بالبهق.
    والنظرية الأخرى هي المناعية وتفترض في البهق مناعة ذاتية، ويؤيد ذلك ترافق هذا المرض مع أمراض مناعية أخرى مثل التهاب الدرق وفقر الدم الوبيل والسكري والثعلبة، إضافة لوجود أضداد نوعية في مصول مرضى البهق.
    وهناك النظرية العصبية التي تفترض انطراح مادة من نهاية الأعصاب الجلدية تثبط الخلايا القتامينية ويؤيد ذلك توزع بعض حالات البهق على مسير بعض الأعصاب.
    ونظرية تخريب الخلايا القتامينية الذاتي بسبب عوز المناعة الطبيعية.
    الأعراض السريرية
    المرض يصيب الإناث والذكور ويشاهد بأي سن ولكن البدء غالباً ما يكون في العقد الثاني والثالث من العمر.
    يتظاهر البهق ببقع ناقصة الصباغ بيضاء ناصعة بأحجام مختلفة، حدود هذه البقع واضحة. ويلاحظ أغلب الأحيان في المحيط اشتداد للون الجلد الطبيعي، وغالباً ما يزول لون الأوبار والأشعار مكان الإصابة ولكنها تبقى سليمة.
    ولا يلاحظ على هذه البقع البيضاء أي وسوف أو ضمور للجلد كما أن الحس بهذه البقع يبقى سليماً، والبقع غير حاكة. يختلف عدد البقع من مريض إلى آخر وتتوزع غالباً بشكل ثنائي الجانب متناظر قليلاً، وهناك مناطق معينة في الجسم أكثر عرضة للإصابة من غيرها، فتكثر البقع في الأماكن المكشوفة مثل ظهر اليدين والساعد والوجه وخاصة الأجفان وحول الفم كما تكثر في الأماكن المعرضة للرضوض مثل الركبتين والساقين والمرفقين والساعدين، كما قد يصيب فروة الرأس ويتظاهر بخصلة منعزلة من الشعر الأبيض، وقد يصيب الأغشية المخاطية الفموية والتناسلية.
    يتظاهر البهق ببقعة واحدة أو أكثر وتتوسع البقع أحياناً، وقد تشمل مساحات واسعة من الجلد فهناك حالات تشمل الجلد كله، وتبقي على بقع صغيرة من لون الجلد الطبيعي.
    ومن الصعب جداً التنبؤ بسير المرض وانتشاره إذ يختلف من مريض إلى آخر، ويجب التنويه أن للشمس أثراً رئيسياً في إظهار وضوح المرض كما أن للشمس أثراً مؤذياً، ففي حالات تعرض المريض المصاب بالبهق مدة طويلة لأشعة الشمس الحادة يمكن أن تصاب بقع البهق بحروق شمسية قد تصل إلى درجة الفقاعات.
    وتكون أول أماكن ظهوره على الأيدي غالباً، ويمكن أن يظهر في أنحاء الجسم كافة. ويتميز البهق بحدوث أماكن ناقصة الصباغ تماماً وصريحة الحدود ومتعددة، وهي تأخذ بالاتساع تدريجياً.
    التشخيص التفريقي
    يجب أن يفرَّق مرض البهق عن بعض الأمراض الجلدية التي قد تشبهه من ناحية إحداثها لنقص بالتصبغ، منها الطفحة الإكزيمية (الإكزيماتيد) الجافة القاصرة التي تصيب وجه الأطفال والأجزاء المكشوفة من جسمهم خاصة.
    كما يفرق عن النخالية المبرقشة القاصرة، وهي مرض فطري يصيب البالغين غالباً ويتوزع على الجذع خاصة.
    كما يجب أن يفرق البهق عن أمراض أخرى كالجذام والبقع الناقصة الصباغ التالية لأمراض جلدية التهابية.
    معالجة البهق
    الهدف والغاية المرجوة من المعالجة هي إعادة اللون أو التخفيف بقدر المستطاع من الفروق اللونية بين البقع ولون الجلد الطبيعي، مع عدم وجود دواء فعال في أغلب الأحيان لهذا المرض. ويجب أن لا تهمل المعالجة لما لهذا المرض من تأثير سيئ على نفسية المصاب.
    تعتمد المعالجة على تنشيط صباغ البقع، ويتم هذا بطريقة دوائية وهي الشائعة أو بالطريقة الجراحية وهي قليلة التطبيق.
    تعتمد المعالجة الدوائية على إعطاء مواد محسسة ضيائياً عن الطريق العام أو موضعياً مع التعرض بعدها للأشعة فوق البنفسجية A أو لضوء الشمس مباشرة، مثال عليها طريقة الـ PUVA التي تعتمد على إعطاء مواد البسورالينات Psoralens داخلاً مع التعرض للأشعة فوق البنفسجية A والاستجابة لهذه الطريقة تختلف من حالة لأخرى وتبدأ عادة بعد أكثر من شهر من بدء العلاج وعودة التصبغ الكامل لايحدث إلا في 20٪ من الحالات وفي 60٪ تحدث استجابة جزئية بشكل بقع مصطبغة ضمن البقع خاصة حول الأجربة الشعرية، عند الأطفال لا تعطى البسورالينات داخلاً ولكن تطبق خارجاً مع التعرض للأشعة.
    ومثال آخر على هذا النمط من العلاج المحسس الضيائي هو إعطاء الخلين مع التعرض بعد نصف ساعة لأشعة الشمس أو للأشعة فوق البنفسجية A والنتائج الإيجابية مماثلة للطريقة السابقة.
    وهناك معالجات خاصة عند بعض الأقوام ففي كوبة مثلاً يستعمل علاج الميلاجينين، وهو دواء مستخلص من المشيمةالبشرية ويطبق خارجاً مع التعرض للشمس أو للأشعة تحت الحمراء، تدعي الدراسات الكوبية أن نسبة الشفاء التام تصل إلى 30٪، ولكن لاتوجد على هذه الطريقة دراسات دقيقة في بلاد أخرى.
    وفي حالات كون بقع البهق قليلة وصغيرة الحجم يمكن أن تستخدم المراهم الستيروئيدية التي قد تعطي تصبغاً في بعض الحالات.
    من الطرق المتبعة عندما يشمل البهق مساحات واسعة إزالة لون الجلد الطبيعي الباقي ونتائجه ليست أكيدة.
    الطرق الجراحية: وهي نادرة التطبيق تستعمل عندما تكون البقع محصورة وتعتمد على طعوم بشروية من جلد سليم توضع على بقع البهق بعد إزالة البشرة عنها بإحداث فقاعات.
    ويمكن الإشارة إلى الطرق البسيطة من تغطية البقع بمراهم ثابتة لفترة لها درجات ألوان مختلفة بحسب لون جلد المريض.

    سلمى المنجد

  8. #538
    البول (أمراض جهاز ـ)

    يتعرض الجهاز البولي urinary tract في الإنسان لأمراض كثيرة نذكر منها:
    الحصيات البولية
    يؤلف المصابون بالحصيات البولية نسبة كبيرة من المرضى المراجعين لعيادات الأطباء في البلاد العربية، وقد يكون الطقس الحار الذي يسيطر على أكثر مناطق البلاد العربية والأخماج البولية المهملة سببين رئيسيين في ذلك، وتشاهد أكثر الحصيات بين سن 30 و50 من العمر والنسبة عند الرجال أكثر بضعفين منها عند النساء.
    قد تكون هذه الحصيات صامتة لايشتكي منها المريض، وتكتشف مصادفةً، ولكن غالباً ماتسبب آلاماً مبرحة هي القولنجات أو انسداداً في المسالك البولية أو إنتانات ثانوية تالية لوجودها، وقد تحدث الحصيات مرة واحدة أو لمرات عديدة بسبب اضطرابات استقلابية وراثية أو أسباب مجهولة فيطلق على مثل هؤلاء اسم المرضى المكونين للحصيات stone formers.
    إن أنواع الحصيات كثيرة ومعروفة منها الحصيات الكلسية وحصيات حمض البول والحصيات المختلطة والحصيات الفوسفاتية الخمجية المنشأ وحصيات السيستين وهي نادرة ناجمة عن خلل وراثي خلقي.
    تدبير الحصيات البولية
    عندما يتكرر تشكل الحصيات البولية أكثر من مرة عند مريض واحد يجب أن لا يكتفى بالمعالجة وأن يفتش عن الأسباب التي شكلتها بإجراء استقصاء كامل للجهاز البولي وعيار كيمياويات الدم ذات العلاقة للتحري عن الأسباب التي ذكرت آنفاً لتشكل الحصيات البولية، إضافة إلى تحليل الحصيات التي طرحت أو استخرجت جراحياً، فقد يُتَوصَّل إلى اكتشاف 70ـ80% من أسباب تشكل الحصيات، ومن ثم التوجه في تدبير الأمر إلى إزالة المسبب بحسب نوعه.
    معالجة الحصيات البولية
    ـ إذا كان حجم الحصاة صغيراً ولاتحدث استسقاء في الكلية hydronephrosis تطبق المعالجة الدوائية بمضادات الوذمة مع الإكثار من السوائل، فقد تنقذف الحصاة تلقائياً.
    ـ وفي حصيات حمض البول الصرفة، وهي شفافة على الأشعة، يؤخذ دواء «يُقلونُ» البول حتى باهاء pH أعلى من 7، فتنحل تلك الحصيات.
    ـ وإذا لم ينطبق حال الحصاة على الحالتين السابقتين فلابد من تدخل الجراح البولي بالوسائل المتاحة.
    كانت الجراحة بطرقها المختلفة الوسيلة الوحيدة لاستخراج الحصيات من الكلية والحالب. أما اليوم ومع وجود مناظير الحالب والكلية فيمكن استخراج الحصيات أو تفتيتها عبر الجلد، أو بالأمواج الصادمة من خارج الجسم الموجهة نحو الحصاة. غير أنه لوحظ أن هناك حصيات تستعصي على الطريقتين الأخيرتين ولابد عندها من اللجوء إلى الجراحة.
    أخماج الطرق البولية
    تصيب أخماج الطرق البولية جميع الأعمار من المولودين حديثاً حتى الشيوخ. فهي تكثر في البنات دون سن السابعة وتكثر في النساء في سن النشاط التناسلي وتقل في الذكور إلا إذا كان لديهم أمراض بولية كالآفات الانسدادية والحصيات والأورام والجزر المثاني الحالبي vesico-ureteral reflux. وتزداد بعد الستين في الذكور لتعرضهم لضخامة الموثة السليمة أو الخبيثة أو الإمساك الشديد أو الآفات الحركية العصبية المثانية التي تحدث اضطراباً في تخزين البول أو إفراغه.
    إن الالتهاب قد يحدث في القسم السفلي من الطرق البولية فقط، وقد يحدث في القسمين العلوي والسفلي معاً في آن واحد.
    تشخيص التهابات الطرق البولية
    يعتمد على:
    ـ إجراء فحص البول والراسب إذ إن وجود أكثر من 5 كريات بيض في الساحة المجهرية يدل على الخمج.
    ـ زرع البول: على الأوساط المناسبة فوجود 100ألف مستعمرة في الملم3 الواحد يدل على الخمج.
    هناك حالات توجد فيها البيلة القيحية من دون وجود الجراثيم، وذلك بعد معالجة ناقصة بالصادات أو في الإصابة بالتدرن.
    معالجة التهابات الطرق البولية
    يقوم أساس المعالجة على نتيجة الزرع ومعرفة نوع الجراثيم والأدوية التي تؤثر فيها، وإذا استعصى الالتهاب على المعالجة المعطاة تجرى دراسة كاملة للجهاز البولي قد يكشف فيها سبب جراحي يجب معالجته.
    سل الجهاز البولي
    إن الإصابة بالتدرن وإن تضاءلت بعد اكتشاف «المعالجة الدوائية الثلاثية» وتطبيق الأسس الصحية السليمة ماتزال تصادف في الممارسة الطبية اليومية. فإصابة الجهاز البولي بالسل هي إصابة ثانوية للتدرن الرئوي أوالعظمي، إذ إن 18ـ20% من المصابين بالتدرن الرئوي يصاب الجهاز البولي لديهم بأقسامه المختلفة، ولاتظهر الأعراض المزعجة للمريض إلا حين إصابة المثانة، فيظهر تعدد البيلات وعسرة التبول وربما البيلة الدموية، والتخريب في البارانشيم الكلوي قد يكون واسعاً قبل تشخيص السل البولي، لذا كان من الواجب مراقبة المرضى المصابين بالتدرن الرئوي حتى بعد شفائهم لسنين عدة خوفاً من حدوث السل البولي.
    أما تشخيص السل البولي مخبرياً فيعتمد على: الفحص المباشر لرسابة البول بعد التلوين على طريقة تسيل نلسن Ziehl-Neelsen (البول الصباحي) وبالزرع على الأوساط الخاصة وتلقيح القبعة.
    يبدو في التصوير الشعاعي الظليل للجهاز البولي عند المصاب أن الحليمات الكلوية متآكلة، والكؤيسات مطموسة أو يظهر الحالب متضيقاً أو يظهر أحياناً ضمور في الكلية أو انعدام وظيفتها تماماً.
    تقوم المعالجة على الأدوية الثلاثة الريفامبيسين rifampicin والإيزونيازيد isoniazid وإيتامبوتول ethambutol، وقد يضاف إليها الستربتوميسين streptomycin في حالات نادرة لمدة قصيرة بسبب أعراضه الجانبية الضارة. أما مدة المعالجة فهي ستة أشهر ويمكن أن تستمر المعالجة سنتين إذا بقيت الأعراض ولم تتحسن الحالة.
    التشوهات الخلقية
    تشاهد التشوهات الخَلْقية في الجهاز البولي أكثر من سائر الأجهزة الأخرى، فمنها مايكون ظاهراً للعين المجردة، ومنها مالا يكتشف إلا بعد زمن طويل، وذلك عندما ترافقها مضاعفات تستدعي المعالجة كالخمج والحصيات والانسداد وسلس البول وغيرها.
    إن استعمال الأمواج فوق الصوتية وتطبيقها على الأم الحامل قد مكن من تشخيص كثير من هذه التشوهات في الجهاز البولي عند الأجنة.
    تشوهات الكلية الخلقية: نذكر منها:
    1ـ غياب الكلية أو الكليتين الخلقي: في بعض الحالات لايتم تكون الكلية خَلْقياً، وإذا غابت الكليتان في الجانبين يولدالجنين ميتاً.
    2ـ الكلية الحوضية: حيث تبقى الكلية في الحوض وتأخذ توعيتها من الأبهر السفلي أو الحرقفي الأصلي.
    3ـ التحام الكليتين: إذا حدث التحام القطبين السفليين للكليتين في الوسط تشكلت الكلية على هيئة نعل فرس، أما إذا حدث الالتحام في أثناء الصعود بأن تسبق إحدى الكليتين مثيلتها فيلتحم القطب السفلي العائد للكلية الأولى بالقطب العلوي للثانية، وإن جميع هذه التشوهات يرافقها اضطراب دوران الكلية أيضاً.
    تعرض هذه التشوهات لحدوث الاستسقاء الكلوي أو التهاب الحويضة والكلية المزمن أو تشكل الحصيات بسبب ركود البول في الكلية.
    تشوهات الحالب وحويضة الكلية
    ـ تشوهات الانقسام duplication anomalies: إما أن يكون تضاعف الحالب غير كامل وينفتح بفوهة واحدة في المثانة، أو كاملاً حيث يتم الانفتاح بأكثر من فوهة حالبية، وهذا التشوه لايكون له تأثير سيئ إلا إذا رافقته مضاعفات كالجزر المثاني الحالبي، وقد ينفتح الحالب العلوي أسفل المصرة الباطنة للإناث فيحدث سلس البول.
    ـ الأدرة الحالبية ureterocel: هي توسع كيسي للحالب الجداري في المثانة، وقد يحدث في الحالب الوحيد أو في الحالب المزدوج، وتكون الأدرة الحالبية أحياناً سبباً لانسداد الحالب فتصاب الكلية العائدة له بالاستسقاء والالتهابات المزمنة، وربما تفقد وظيفتها على مدى الأيام. أما المبادىء الأساسية لمعالجة تشوهات الحالب تقوم على إزالة الانسداد ومقاومة الأخماج وإزالة السلس البولي إن وجد.
    التشوهات الخلقية في المثانة والإحليل
    أهمها انقلاب المثانة الخَلْقي bladder exstrophy والمبال الفوقاني epispadias والمبال التحتاني، وكلها تشوهات تستدعي الإصلاح الجراحي التصنيعي.
    كيسات الكلية والداء الكيسي الكلوي
    تنجم كيسات الكلية renal cyst عن التوسع الشاذ في الأنابيب البولية. إن هذه الكيسات قد تصيب كلية واحدة فقط أو قسماً منها كما في الكلية المتعددة الكيسات multicystic kidney، أو تصيب منطقة معينة من الكليتين كما في الداء الإسفنجي اللبيmedullary sponge kidney أو تكون منتشرة في الكليتين معاً كما في الداء الكيسي الكلوي polycystic renal disease الذي له صفة وراثية صبغية جسدية سائدة autosomal dominant، وأكثر الكيسات مشاهدة هي الكيسة البسيطة أو المتعددة وقد تكون أخيراً كيسة مفردة.
    تنشأ الكيسات الكلوية صامتة ويكبر حجمها تدريجياً، وقد لاتكتشف إلا مصادفة وذلك في أثناء دراسة بولية لمرض آخر بالوسائل الشعاعية المتوافرة أو بالأمواج فوق الصوتية أو بالتصوير الطبقي المحوري فتكتشف هذه الكيسات.
    إن كثيراً من هذه الكيسات يحملها المريض في كليته طوال حياته، ولاتسبب له أي أذى، لكنها في أحيان كثيرة أخرى تعمل على ضغط البارانشيم الكلوي المجاور وتخربه، أما في الداء الكيسي الكلوي الوراثي فإنه يجب أن يبقى المريض تحت رقابة طبية صارمة لتأخير حدوث القصور الكلوي الذي يسببه للمريض في النهاية.
    الأورام
    ـ أورام الكلية: لاتظهر أعراضها غالباً إلا بصورة متأخرة. وبعد اكتشاف الطرق التشخيصية المختلفة كالأمواج فوق الصوتية والتصوير الطبقي المحوري المحوسب بدأ الوسط الطبي يكشفها في وقت مبكر ولو مصادفة وذلك بعد إجراء تلك الدراسات لشكايات مرضية ليس لها علاقة بالجهاز البولي.
    والأورام السليمة نادرة الحدوث أما الأورام الخبيثة فتقسم إلى:
    ـ أورام البارانشيم الكلوي وتؤلف 85 -90% من أورام الكلية.
    ـ أورام الجهاز المفرغ وتؤلف 7 - 8%.
    ـ أورام جنينية وتؤلف 2 - 3%، وغالباً ماتكون عند الأطفال وتسمى ورم ويلمز.
    1ـ أورام البارانشيم الكلوي renal cell carcinoma: غالباً ماتتطور بصورة صامتة ولاعرضية أما الحالات التي تتظاهر بأعراض هي: البيلة الدموية العيانية غير المؤلمة وألم القطن والشعور بكتلة واضحة في القطن. كما قد تظهر حمى خفيفة مجهولة السبب ونقص في الوزن.
    أما المعطيات المخبرية فهي: ارتفاع سرعة التثفل وفقر الدم أو ازدياد في عدد الكريات الحمر وارتفاع كلس الدم، واضطراب في وظائف الكبد.
    ولتأكيد التشخيص يجرى التصوير الظليل عن طريق الوريد والتصوير الطبقي المحوري.
    إن معالجة أورام البارانشيم الكلوي تتم عن طريق الجراحة البحته، ولاتفيد فيها المعالجة الشعاعية أو الكيمياوية، وتقوم على استئصال الكلية استئصالاً تاماً مع العُقَد والشحم المحيط بالكلية.
    2ـ أورام الجهاز المفرغ: تبدأ هذه الأورام من الكؤيسات أو الحويضة وتنتشر منها نزولاً فتُحدث الخلايا السرطانية التي تنطرح مع البول أوراماً في الحالب والمثانة. وقد يحدث العكس تماماً إذا كان هناك جزر مثاني حالبي، وكان منشأ تلك الأورام في المثانة، لذا كان من الواجب في حال تشخيص تلك الأورام في القسم العلوي من الجهاز البولي أن يجرى تنظير للمثانة لنفي إصابتها بالورم.
    تقوم معالجة هذه الأورام التي هي عادة من نوع الخلايا الوسيطة transitional cell على استئصال الكلية والحالب وجزء منالمثانة مجاورة لفتحة صماخ الحالب المستأصل.
    ـ أورام المثانة: تصيب أورام المثانة عادة الأعمار بين 50 ـ 60سنة، غير أنها قد تشاهد في كل الأعمار وهي أكثر حدوثاً عند الذكور.
    هناك مسببات كثيرة لأورام المثانة ثبت دورها المسرطن وهي:
    ـ بعض المواد الكيمياوية كأصبغة الأنيلين anylin ويصاب بها العاملون في معامل هذه الأصبغة وبعض النواتج النفطية والتدخين والالتهابات المزمنة في المثانة وخصوصاً عند ترافقها بالحصاة المثانية والإصابة بالبلهارزيا والمعالجة ببعض الأدوية الكيمياوية مثل السيكلوفوسفاميد.
    إن 99% من أورام المثانة هي خبيثة بدرجات مختلفة منها90% سرطانة الخلايا الوسيطة و6 - 7% منها سرطانة الخلايا الشائكة squamous cell، وتزداد نسبة حدوث هذا النوع في البلاد التي تشيع فيها الإصابة بالبلهارزيا، أما النوع الغديadenocarcinoma فيشكل 2 ـ 3% من حالاتها.
    تبدأ تلك الأورام في الغشاء المخاطي ثم تنتشر عمقاً فتجتاح الطبقة تحت المخاطية لتصل إلى العضلات وبعدها إلى الأوعية الدموية واللمفاوية المحيطة بالمثانة، وقد تصيب الأعضاء المجاورة أو تنتقل بعيداً إلى غيرها من الأعضاء.
    إن العرض المهم في ورم المثانة هو البيلة الدموية غير المؤلمة ويظهر في 85% من الحالات، لذا فالتفتيش عن سببالدم في البول هو الخطوة الضرورية لكشف تلك الأورام مبكراً، غير أن ورم المثانة في حالات قليلة يتظاهر بأعراض مبهمة كتعدد البيلات وعسر التبول والرغبة الشديدة الملحة في التبول.
    إن أهم مايعتمد عليه في تشخيص أورام المثانة هو التصوير الظليل أو الدراسة بالأمواج فوق الصوتية، وقد تفيد الدراسة الخلوية للبول في الكشف عن الخلايا السرطانية. ومؤخراً اكتشف مستضد أطلق عليه مستضد ورم المثانة bladder tumor antigenأكثر حساسية من الدراسة الخلوية غير أن هذين النوعين الأخيرين من الوسائل يفيدان في متابعة المريض بعد العلاج ومراقبة النكس.
    إن تنظير المثانة cystoscopy هو الوسيلة الأكيدة لوضع التشخيص الجازم، فبوساطته يشاهد الفاحص الورم وأعداده وأشكاله في المثانة وتتاح له أن يأخذ خزعة منه وخاصة من قاعدته ليضع التشخيص النسيجي.
    إن أسس معالجة الأورام هي كالتالي:
    ـ في الورم السطحي الوحيد يستأصل الورم بالكي الكهربائي التنظيري مع مراقبة تنظيرية لمدة سنتين.
    ـ وفي الورم السطحي المتعدد أو الناكس يستأصل الورم بالكي الكهربائي مع إجراء حقن موضعي في المثانة بإحدى المواد التالية: الميتومايسين والدوكسوروبيسين.
    وفي الأورام المرتشحة للعضلات: تكون المعالجة بالاستئصال الجذري للمثانة مع العقد اللمفاوية حول الأوعية وإجراء إحدى عمليات التحويل البولي التي يختارها الجراح بحسب الحالة.
    أما المعالجة الشعاعية ففائدتها غير مضمونة في أورام المثانة.
    أما المعالجة الكيمياوية فتستعمل كمعالجة ملطفة في الحالات المتقدمة.

    فرزت النشاوي

  9. #539
    البولة الدموية

    البولة الدموية (يوريا) ureaتنتج هذه المادة من تقويض الحموض الأمينية، وهذه العملية الاستقلابية هي عملية مستمرة، لذا فإن هذا الإنتاج مستمر مدى الحياة. تتوضع البولة في السوائل داخل الجسم بما فيها المصورة الدموية حيث يبلغ مقدارها فيها في الحالة الطبيعية من 3-7 ميلي مول في الليتر أو 20-40 ملغ في 100 مل منها.
    كان لارتفاع مقدار البولة الدموية أثر كبير في الدلالة على الإصابة بالقصور الكلوي، ودام هذا الاعتقاد فترة كبيرة من الزمن، وكان يعد هذا الارتفاع في الدم دليلاً على مقدار هذا القصور وتطوره، كما كانت المعالجات المطبقة للقصور الكلوي تهدف إلى تخفيض قيم هذا المقدار والأكثر من ذلك كان يسمى القصور الكلوي يوريمية الدم uremia إذ كانت تعزى جميع أعراضه السريرية لارتفاع البولة في الدم وهذا ماتبين عدم صحته في الوقت الحاضر.
    إلا أن الفهم الحديث للوظيفة الكلوية ولأمراض القصور الكلوي ولأعراضه ولآلية إنتاج البولة الدموية وإطراحها، غيّر الكثير من هذه المفهومات وقلل من الاعتماد على عيار البولة الدموية كوسيلة في تشخيص القصور الكلوي ومراقبة سيره وتطوره وللاستدلال على ما تبقى من الوظيفة الكلوية، وحدث كل هذا خلال الثلاثين سنة الأخيرة.
    صحيح أن مقدار البولة يرتفع في الدم حين الإصابة بالقصورات الكلوية المختلفة إلا أنه يرتفع كذلك في حالات كثيرة أخرى. لأن هذا الارتفاع أو الانخفاض ينتج إما من زيادة إنتاج البولة في الكبد وإما من نقصه أو من نقص في إطراحها من الكلية أو زيادة فيه. لذلك يمكن لمقدار البولة الدموية أن يزداد في أحوال كثيرة لا يكون فيها المريض مصاباً بالقصور الكلوي نذكر منهـا: تعرض المريض للشدة stress أو استعماله الكورتيزون مدة طويلة أو في سياق استعمال الأدوية الكيماوية لمعالجة السرطانات، أو لدى الإكثار من تناول البروتينات في الغذاء. كما تلاحظ هذه الزيادة في حالات التجفاف واستعمال المدرات البولية أو بعد الإصابة بالنزوف الهضمية أو قصورات القلب المختلفة. وعلى العكس من ذلك يقل مقدار البولة الدموية عند المصابين بالقصور الكبدي.
    وثمة مفهوم آخر يجب تصحيحه بأن ما يشكوه المريض بالقصور الكلوي من أعراض عامة كالوهن والتعب والنعاس والتدهور في حالته الصحية والأعراض الهضمية كالقيء والغثيان والقَمَه ليس عائداً لزيادة مقدار البولة الدموية فقط، بل إنه عائد للخلل في وظائف الأجهزة المختلفة للجسم إثر الإصابة بالقصور الكلوي إذ إن وظائف الكلية العديدة لها أثر أساسي في المحافظة على ثبات الوسط الداخلي للجسم. وخلل هذه الوظائف ينعكس سلباً على هذا الثبات ويؤثر من ثم على وظائف معظم أجهزة الجسم مؤدياً لظهور هذه الأعراض المختلفة.
    كانت تستعمل البولة الدموية وسيلةً لتقويم وظيفة الكلية من خلال إجراء اختبار تصفية البولة الدموية، ولم يعد هذا الاختبار ذا قيمة بعد معرفة عدم ثبات إنتاجها وعدم ثبات إطراحها إذ إن هذا الإطراح يتعلق بعوامل أخرى إلى جانب قدرة الكلية الوظيفية.
    من كل هذا يمكن الاستنتاج بأن أثر عيار البولة في الدم صار غير أساسي في تشخيص القصور الكلوي ومعالجته بل يمكن استعماله كأحد المؤشرات في ذلك، مع الأخذ بالاعتبار المعلومات المذكورة سابقاً والمؤثرة في اختلاف مقدار البولة زيادةً أو نقصاً.

    وليد النحاس

  10. #540
    البيلة الفنولية الكيتونية

    التعريف والأسباب
    البيلة الفنولية الكيتونية (أو الخلونية) phenyl ketonuria اضطراب استقلابي وراثي يفقد فيه المريض القدرة على تفكيك الفنيل آلانين، وهو حمض أميني أساسي موجود في معظم الأغذية، وذلك لأن كبد المريض ينتج كميات قليلة أو معدومة من خميرة فنيل آلانين هيدروكسيلاز phenyl alanine hydroxylase، التي تحول الفنيل آلانين الذي يتناوله الإنسان عبر الغذاء إلى التيروزين الذي يستعمله الجسم لتشكيل الدوبامين، المادة الكيميائية الضرورية للدماغ كي يعمل بشكل طبيعي.
    يكون لدى الطفل المولود المصاب بالبيلة الفنولية الكيتونية مستوى فنيل آلانين طبيعي عند الولادة، وذلك بسبب حماية التبادل الوالدي ـ الجنيني ضمن الرحم. لكن بعد عدة ساعات من الولادة يصبح لديه فرط فنيل آلانين الدم، فإذا لم يصحح هذا الاضطراب الاستقلابي أو ضبطه على الأقل بالنظام الغذائي، فإن الطفل سيبدي خلال 3-4 أشهر علامات تأخر التطور وسيصبح في النهاية متأخراً عقلياً.
    يكون تركيز الفنيل آلانين الطبيعي في الدم 2مغ/دل أو أقل، ويصبح لدى معظم الأطفال المصابين بالبيلة الفنولية الكيتونية 6مغ/دل على الأقل أو أعلى من ذلك في اليوم الثالث من العمر.
    الوراثة والحدوث
    يورث المرض بشكل جسمي مقهور، وهذا يعني أن كلا الأبوين يجب أن يكون حاملاً للمورثة كي يكون هناك احتمال لإصابة طفلهما بالمرض. ويكون هذا الاحتمال 25٪ في كل حمل. تتوضع مورثة الفنيل آلانين هيدروكسيلاز على الذراع الطويل للصبغي 12. وقد وصفت عدة طفرات لهذه المورثة في عائلات مختلفة.
    تبلغ نسبة حَمَلة المورثة في التعداد العام للأشخاص 1 لكل 50 شخصاً، ويكون احتمال تزاوج شخصين حاملين للمرض هو 1/2.500. تختلف نسبة حدوث المرض بحسب البلدان والأعراق، وتقدر بنحو 1/10.000 - 1/20.000 ولادة حية في الولايات المتحدة الأمريكية.
    الأشكال السريرية والأعراض
    توجد عدة أشكال سريرية وكيميائية حيوية لفرط آلانين الدم وهي:
    ـ الشكل النموذجي: ينجم عن العوز التام أو شبه التام لخميرة فنيل آلانين هيدروكسيلاز، وبذلك تنعدم القدرة على تحويل الفنيل آلانين إلى تيروزين، وهذا يؤدي إلى تراكم الفنيل آلانين ومستقلباته في الدم والنسج والبول عند إعطاء تغذية طبيعية. يتحول الزائد من الفنيل آلانين إلى حمض فنيل بيروفيك phenyl pyruvic acid، أو إلى فنيل إيتيل أمين phenyl ethyl amine. تعطل هذه المواد ومستقلباتها إضافة إلى الفنيل آلانين نفسه، الاستقلاب الطبيعي وتؤذي الدماغ. يكون الطفل المصاب طبيعياً عندالولادة ثم يتطور التأخر العقلي على نحو تدريجي، وقد لا يتضح إلا بعد عدة أشهر. ولقد قدر أن الطفل غير المعالج يفقد بحدود 50 نقطة من معدل الذكاء IQ مع نهاية السنة الأولى من العمر. يكون التأخر العقلي شديداً عادة ويتطلب معظم المرضى رعاية في مؤسسات متخصصة. قد يكون القيء عرضاً باكراً وقد يكون شديداً. يصبح الأطفال الأكبر سناً وغير المعالجين مفرطي الحركية مع حركات غير هادفة، اهتزازات منتظمة أو حركات كَنْعيّة athetosis. يكون هؤلاء الأطفال شقراً أكثر من أقاربهم مع لون جلد فاتح وعيون زرقاء، وقد يكون لدى بعضهم اندفاعات جلدية دهنية أو أكزمائية الشكل متوسطة الشدة عادة، وتغيب مع نمو الطفل؛ تكون رائحة هؤلاء المرضى غير مستحبة بسبب حمض فنيل الخلي وتوصف برائحة الفئران. لا توجد علامات ثابتة بالفحص العصبي، ومع ذلك فإن معظم الأطفال مفرطو التوتر hypertonic، مع زيادة نشاط المنعكسات الوترية العميقة. تحدث الاختلاجات لدى ربع المرضى تقريباً، وتوجد اضطرابات تخطيطية في مخطط كهربائية الدماغ لدى أكثر من 50٪. من العلامات الشائعة أيضاً لدى الأطفال غير المعالجين صغر الجمجمة، بروز الفك مع تباعد الأسنان، ونقص تصنع الميناء وتأخر النمو. صار من النادر في أيامنا هذه رؤية هذه المظاهر السريرية النموذجية للبيلة الفنولية الكيتونية في الدول التي تتبع برامج الاستقصاء والكشف الباكر عند الولدان.
    ـ فرط فنيل آلانين الدم التالي لعوز التميم تيتراهيدروبيوبتيرين tetrahydrobiopterine (BH4): تبين في 2٪ من حالات الأطفال المصابين بفرط فنيل آلانين الدم، أن الخلل يكمن في إحدى الخمائر اللازمة لتشكيل التميم تيتراهيدروبيوبترين، (التميم هو العامل الذي يساعد الخميرة)، وليس في الخميرة نفسها. وقد وصفت أربعة أشكال للعوز الخمائري تؤدي إلى خلل تشكل هذا التميم. تشبه التظاهرات السريرية لهذه الاضطرابات تلك الخاصة بالبيلة الفنولية الكيتونية النموذجية ويصعب تمييزها منها. يكشف هؤلاء المرضى بالاستقصاء الخاص بالبيلة الفنولية الكيتونية لوجود فرط فنيل آلانين الدم، إلا أن التظاهرات العصبية تتطور بعد الشهر الثالث على الرغم من الحمية.
    ـ فرط فنيل آلانين الدم السليم: يكشف أحياناً أطفال لديهم مستوى فنيل آلانين عالٍ، لكنه أقل من20مغ/دل، وهو غير كاف لطرح حمض فنيل بيروفيك. لدى هؤلاء عوز في خميرة فنيل آلانين هيدروكسيلاز، لكن مع بقاء فعالية مقبولة (من 1-35٪ من الطبيعي). يكشف هؤلاء المرضى بالاستقصاءات في فترة الوليد وهم أسوياء، ويمكن أن يتطوروا بشكل طبيعي من دون حمية خاصة، مع ذلك يجب اختبارهم لكشف وجود خلل التميم تتراهيدروبيوبترين ومعالجتهم وفق ذلك.
    ـ فرط فنيل آلانين عابر: يحدث لدى الأطفال المصابين بفرط التيروزين العابر ارتفاع معتدل في الفنيل آلانين، وعندما تنضج قدرة الطفل على أكسدة التيروزين، تعود نسبة كل من التيروزين والفنيل آلانين إلى الطبيعي. كما أن غياب أو تأخر نضج خميرة فنيل آلانين ترانساميناز يمكن أن يؤدي إلى فرط فنيل آلانين إذا تمت تغذية الطفل بحليب عالي المحتوى من البروتين. لا يمكن لهؤلاء الأطفال تشكيل نسبة عالية من حمض فنيل بيروفيك حتى لو اقتربت نسبة فنيل آلانين الدم لديهم من 30مغ/دل. تعود نسبة الفنيل آلانين إلى الطبيعي عندما تقارب نسبة البروتين في الحليب المعطى نسبته في حليب الإنسان.
    التشخيص
    معايير تشخيص البيلة الفنولية الكيتونية النموذجية هي:
    1ـ مستوى فنيل آلانين المصل أكثر من 20مغ/دل بوجود حمية غذائية طبيعية.
    2ـ مستوى تيروزين مصل طبيعي (قد يكون في الحد الأدنى للطبيعي).
    3ـ ازدياد مستوى مستقلبات الفنيل آلانين في البول: حمض فنيل بيروفيك وحمض هيدروكسي فنيل أستيك.
    4ـ مستوى طبيعي للتميم تتراهيدروبيوبترين.
    وقد صار من الممكن اليوم كشف الحَمَلة أو المرضى قبل الولادة بفحص الخلايا الأمنيوسية المزروعة المأخوذة ببزل السائل الأمنيوسي، وكذلك الخلايا المأخوذة من خزعة الزغابات المشيمية، باستخدام مسابر وراثية خاصة genetic probes.
    الكشف الباكر
    البيلة الفنولية الكيتونية أول اضطراب استقلابي تأكد استفادته من الحمية الغذائية في أواخر الخمسينات، وبدأ بعد ذلك التحدي من أجل الكشف المبكر عن الإصابة قبل حدوث الأذية الدماغية غير القابلة للتراجع. في عام 1962، استطاع غوثريGuthrie أن يطور طريقة بسيطة لكشف الفنيل آلانين تقوم على وخز عقب القدم ووضع بضع قطرات من الدم على ورقة ترشيح، ثم توضع الورقة في هلام الآغار الذي يحتوي على جراثيم مع وسط للنمو وعناصر أخرى ضرورية، فإذا حدث نمو جرثومي واسع حول نموذج الدم، دل ذلك على ارتفاع نسبة الفنيل آلانين فيه ومن ثم يقترح وجود البيلة الفنولية الكيتونية.
    يجب أن يؤخذ نموذج الدم من كل وليد قبل تخرجه من المشفى أو بعمر 4 أيام أيهما أبكر. ويكرر هذا الاختبار بعد أسبوعين في حال إيجابيته للتأكد من احتمال الإصابة، ويجب عندها إجراء اختبارات إضافية وقياس مستوى الفنيل آلانين والتيروزين في المصل لتأكيد التشخيص أو نفيه.
    المعالجة
    هدف المعالجة إنقاص الفنيل آلانين ومستقلباته في سوائل الجسم، وذلك للوقاية أو التقليل من الأذية الدماغية. يمكن الوصول إلى ذلك بتأمين غذاء منخفض الفنيل آلانين، أي باستبعاد الأغذية ذات المحتوى العالي من البروتين مثل الحليب، اللحوم، السمك، الطيور، البيض، الجبن، المثلجات، المكسرات، بعض الخضار وكثير من المنتجات التي تحوي الدقيق الطبيعي، كذلك المنتجات الحاوية على الأسبارتام (بديل للسكر). يجب البدء بالحمية باكراً ما أمكن بعد الولادة بعد وضع التشخيص مع العناية بتأمين وارد حروري ملائم في الوقت نفسه. يوجد اليوم في الأسواق أغذية بديلة عن الحليب خاصة للرضع، وكذلك مستحضرات غذائية خاصة للكبار. تقاس كمية الفنيل آلانين بالمليغرام أو بوحدة التبادلexchange = 15 مغ، (ا غ من البروتين فيه 3 وحدات تبادل أو 45 مغ من الفنيل آلانين). تختلف كمية الفنيل آلانين الممكن تحملها من شخص إلى آخر، وتقدر الكمية الوسطية التي يتحملها المصاب بالشكل النموذجي بـ300 مغ = 20 وحدة تبادل. وتحدد هذه الكمية في الواقع بواسطة الشخص نفسه مع طبيبه الخاص واختصاصي التغذية بالاعتماد على الاختبارات الدموية، إذ يستدعي تطبيق الحمية مراقبة غذائية صارمة وعيارات متكررة لمستوى الفنيل آلانين في المصل للمحافظة على مقدار بين 3-15مغ/دل. هناك اختلاف حول مدة تطبيق الحمية العلاجية، لكن التوصيات الحديثة تطالب بحمية دائمة مدى الحياة خشية حدوث مشكلات مثل انخفاض معدل الذكاء IQ وعجز في التعلم ومشاكل سلوكية مثل فرط الحركية، النزق والهياج ومشكلات عصبية مثل الرجفان واضطراب جلدي أكزمائي واضطرابات شخصية مثل انفصام شخصية، نُوَب من الذعر، رُهاب الخلاء.
    الحمل لدى الأم المصابة بالبيلة الفنولية الكيتونية
    تزداد نسبة الإجهاض لدى الأمهات المصابات واللواتي لا يخضعن للحمية، ويكون ولدانهن في الغالب متأخرين عقلياً. وقد يكون لديهم صغر جمجمة أو شذوذ قلب ولادي. ينتقل الفنيل آلانين من المرأة الحامل إلى الجنين بنسبة 1/3 أي إذا كان مستوى الفنيل آلانين لديها 2مغ/دل، فالجنين يتلقى 6مغ/دل في دمه، لذلك تحتاج المرأة المصابة التي ترغب في الحمل أن تتبع حمية قليلة الفنيل آلانين قبل الحمل بشهرين للمحافظة على نسبة تقدر بـ2-6مغ/دل، ثم طوال فترة الحمل، وبعده أيضاً إذا ما رغبت في الإرضاع.

    نسمة كراوي

صفحة 54 من 146 الأولىالأولى ... 4445253 54555664104 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال