في حضن الصحراء الغربية، حيث السكون لغة، والرمل كتابٌ مفتوح على الأزل، تنهض الرحالية كأنها وعدٌ قديم لم ينكسر. ليست بلدةً عابرة، بل نبضٌ زرعه التاريخ في خاصرة الأرض، فنبت عزيمةً وظلالًا ونخيلًا.
جاءها علي بيك وسليمان بيك من رماد صراعٍ وانطفاء حلم، لاجئين لا إلى الهدوء، بل إلى المعنى. فنصبا خيمتهما غرب الرزازة، وبدآ من الرمل ما لا يبدأ إلا بالمستحيل.
وهكذا، انبثقت الرحالية: واحةٌ خضراء من عرق، وصوتٌ للهوية في صمت البيداء.
عشائرها كالأغصان في جذع واحد: البيگات
في البعيد، حيث تهدأ ضوضاء المدن وتبدأ همسات التاريخ، تمتد الرحالية، كأنها قصيدةٌ كُتبت على جسد الصحراء بالحبر والعرق، وسُقيت بماء العيون وصبر الأمهات. ليست مدينةً فحسب، بل ذاكرةٌ تمشي على الرمال، تحرسها النخيل وتؤنسها السماء.
في المكان الذي ظنه البعض منفى، اختار التاريخ أن يكتب مجده الجديد.
هناك، على حافة الظمأ، ارتفعت أول خيمة لآل علي بيك وسليمان بيك، وقد جاؤوا بما بقي من إرثٍ هاشميٍ معتّق، يبحثون عن ملجأٍ لا يذل، وعن أرض لا
في خاصرة الصحراء، حيث ينكسر الأفق على صفحة الرمال، تولد الرحالية كل صباحٍ من جديد. ليست مدينةً تقف عند حدود الطين والنخل، بل كائنٌ حيٌّ تنبض فيه الذاكرة، وترتجف في وجدانه القصص القديمة، والمرويات التي لم تُكتب في كتب التاريخ، بل حُفرت في صدور الرجال، وعلى وجوه النساء، وتحت جذوع النخل الذي يعرف من مرّ ومن بقي.
الرحالية ليست عابرة سبيلٍ في خريطة الوطن، بل ابنةُ الرمل الشرعيّة، التي شقّت صمت الصحراء بعرق السواعد، ووهج