(المتدفق)
الهوية بين التشويه والتأصيل.
بواسطة زاهــــد, 27th April 2021 عند 05:11 PM (306 المشاهدات)
الطارئ الشاذ والدخيل على عاداتنا وتقاليدنا اصبح من البديهيات التي يخوض فيها الجميع بدون استثناء، والترويج له بات وسيلة يعتاش عليها الإعلام المخادع الفاقد للهوية والساعي الى عدم التأصيل الذي هو أقرب الى مهنة القوادة منه الى خلق وعي وطني أساسه بديهيات المنطق السليم .في اروقة هذا الاعلام تجري عملية اغتصاب معاني الكلمات فوق جسد القيم ، فكانت المحصلة من كل هذا العبث ولادة ، جيل لا يمثل واقعه ولا ينتمي الى بيئته و من هذه الدكاكين الاعلامية ولدت المفاهيم الشاذة فكانت دعوة العابثين تصور الخيانة حرية والعمالة طريق استقلال. اضف الى ذلك،
وفي هذه الفجوة الزمنية الشاغرة من معنى الرجولة والمتجردة من القيم الاصيلة التي نعيشها حاليا ،مارست فيها اميركا سياسة فن الأخصاء لأحزابنا المتسلطة التي سمحت لها وعن قصد منذ زمن بريمر والى اليوم في نهب الموازنات الانفجارية وغير الانفجارية لتحولها ارصدة في بنوك الغرب ،لتكون نقطة الضعف التي يخشاها «لصوصنا . قادتنا »من ان تضع اميركا يدها عليها ،كذلك هذا الفن تمارسه و بشكل أكبر على شبابنا ، من خلال استغلال تعطشه الغريزي واغراقه بمشاهد الخلاعة والانحلال ، التي أصبحت في نظره مرادفة لمعنى الحرية والتحضر .
الجيل الذي كشفت عنه ما تسمى ثورة تشرين جيل يتسم بسطحية الفكر والادراك لمعاني الثورة والاخلاص للوطن.وهو المثال الحي على القدرة الاميركية ومن خلفها كل ادوات النظام الرأسمالي الجديد على التلاعب بعقول هؤلاء واستدراجهم الى الزوايا التي تضيع فيها الهوية
لذا فإن المأزق الذي وقعت فيه الاحزاب السياسية انها اي اميركا وضعت بين أيديهم ما لم يكن في أحلامهم فاستيقظت لديهم شهوة الاستحواذ لذلك لم يلتفتوا الى مسؤوليتهم أنهم بناة دولة ،
كذلك الشباب المغرر به من خلال العناوين البراقة يجري جره الى دائرة الميل لهوى النفس .
فكان الفريقين قد وقعا في شراك الأغواء باسلوبه الجديد الذي تمارسه الدول الرأسمالية و الذي يسعى ببساطة الى قلب النظام الأخلاقي والاجتماعي الراسخ ويبطل شرعيته
((يقول زيجمونت باومان أن المنطق الجديد للنظام العالمي الحالي هو انه يدعو الى الاغواء و الانسحاب على طريقة البطل بروتس : اني اعلم ماينبغي فعله لكنني ارفض المشاركة)) تاركا الضحية المستهدفة من الاغواء الى قدراتها الخاصة، هذه اللعبة تسمى الغرق في المحيط :«حرية» . وبتأثير هذا المنطق الذي يُطبق علينا بشكل واضح، كان السقوط الأخلاقي للمسؤول والمواطن نتيجة طبيعية عندما تجاوزا الحصون و المنعات النفسية التي يصنعها الدين والتقاليد، لأننا لم نستطع فهم الديمقراطية التي جاءت بها اميركا هي الفخ الذي سيسقط فيه الجميع ، صفقنا لسقوط تمثال صدام وتدميره في ساحة الفردوس ولم نعلم أنه كان يشير الى سقوطنا الأخلاقي وتدمير كل سامي فينا، هللنا لها حين فتحت كل الفضاءات امامنا فكانت الاف القنوات الاعلامية ووسائل التواصل بين أيدينا بضغطة زر واحدة بعد ان كانت قناتا العراقية والشباب تمارس عملية غسل أدمغتنا لتهيئتها لمولاة الرئيس القائد، ولم نعلم أنهما رغم كل مساوئهما كانتا تحافظ على شيء من قيمنا بعد ان اكتشفنا كم خسرنا منها على يد الإعلام الموجه عبر الفضاء ..
وهنا مرة اخرى استشهد بقول باومان ((الذي يقول : كان غسل الادمغة بالطريقة التقليدية يستهدف تطهيرها من اثار المعنى والمنطق القديم ليجهزها لبناء معنى ومنطق جديدين، اما غسل الدماغ في الوقت الحاضر يبقى الموقع فارغا وقاحلا دوما ، فلا يسمح بدخول اي شيء اكثر نظامية من بعثرة عشوائية لخيام يسهل نصبها بالقدر الذي يسهل خلعها ، فلم يعد غسل الدماغ عملية هادفة ))
الأعجاب وبتعطش للأخلاقيات الغربية الشاذة واعتناقها دون تمحيص
و السكوت المريب لرموزنا الوطنية والدينية عما يحدث من تهاوي صروح القيم لمجتمعنا والضجيج الذي يملأ شوارع والساحات بكل ما هو مخل ، ينبئنا ان واقعنا ليس بخير...