المحامي سجاد خماس الساعدي

الضربة القاضية: عندما جاءت الخسارة من الداخل الإيراني

تقييم هذا المقال
بواسطة المحامي سجاد خماس الساعدي, منذ أسبوع واحد عند 01:49 PM (858 المشاهدات)
“الضربة القاضية: عندما جاءت الخسارة من الداخل الإيراني”


بقلم: المحامي سجاد خماس الساعدي

في خضم التصعيد العسكري الأخير الذي شهده الإقليم، تكشفت أمام الجميع حقيقة مُرّة قد تُعدّ الضربة القاضية الحقيقية لإيران، ليست في صواريخ تسقط أو منشآت تُدمر، بل في الانكشاف الداخلي الخطير الذي لم يكن في الحسبان.

لقد تبيّن بما لا يقبل الشك أن أهم ما خسرته إيران في هذه الحرب هو أمنها الداخلي، بعد أن نجحت القوى المعادية – عبر شبكات تجسس معقدة – في زرع معامل ومصانع لتجميع الطائرات المسيّرة في عمق الأراضي الإيرانية، لا سيما في المناطق التي يفترض أنها محصنة أمنياً، وتحت إشراف الحرس الثوري نفسه.

الأخطر من ذلك أن هذه المعامل – بحسب ما تم الإعلان عنه في الحملة الأمنية الواسعة التي أطلقتها السلطات الإيرانية يوم أمس – كانت تعتمد في استيراد قطع الغيار والمكونات الأساسية على شركات ومؤسسات مرتبطة بمصالح رسمية، بل وعائدة للحرس الثوري ذاته، في مشهد يثير الدهشة والاستغراب، ويستدعي وقفة تأمل وتحقيق جاد على أعلى المستويات.

أما الضربة العسكرية الموازية فقد تمثلت في النجاح الإسرائيلي اللافت في شلّ الدفاعات الجوية الإيرانية في الساعات الأولى للهجوم، وهو ما أتاح للطائرات الشبحية من طراز F-35 حرية التحليق في أجواء إيران دون مقاومة حقيقية، في سابقة عسكرية هي الأولى من نوعها.

من جهة أخرى، يعلم جميع المتابعين أن المدى التشغيلي للطائرات المسيّرة الانتحارية الإسرائيلية لا يتجاوز غالباً 1000 إلى 1400 كيلومتر، وهو مدى لا يكفي لضرب أهداف استراتيجية في عمق إيران – كطهران – انطلاقاً من الأراضي الإسرائيلية وحدها، ما لم يكن هناك تسهيلات انطلاق من أراضٍ قريبة، كالعراق مثلاً، أو الأسوأ من ذلك: من الداخل الإيراني ذاته. وهو احتمال صار اليوم أقرب إلى التصديق من أي وقت مضى.

لقد كشفت هذه التطورات المذهلة أن الخطر الأكبر لم يأتِ من الأجواء، بل من الداخل الإيراني، من تلك الثغرات الأمنية العميقة التي سمحت للعدو بالتغلغل حتى عصب الصناعات الدفاعية. وهذه الخسارة – مهما حاول الإعلام الرسمي التقليل من شأنها – هي الأخطر والأثقل كلفة، لأنها تنذر بأن الحرب المقبلة قد لا تبدأ من الخارج، بل من قلب إيران نفسها.

ورغم حالة الاصطفاف الشعبي الظاهرة خلف القيادة والدولة والعقيدة، إلا أن هذا الاصطفاف كان يجب أن يتحقق منذ سنوات، حين كانت إشارات الخطر تلوح في الأفق، ولم تُؤخذ بجدية كافية. فقد أفرز هذا الإهمال خسائر غير هيّنة، ستلقي بظلالها الكثيفة على مستقبل الصراع في المنطقة.

ويبقى المستقبل مفتوحاً على كل الاحتمالات، ومفتوحاً أيضاً على كل المخاطر.

المحامي سجاد خماس الساعدي
الكلمات الدلالية (Tags): حرب ايران اسرائيل امريكا
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال