المحامي سجاد خماس الساعدي

عودة نوري المالكي لرئاسة الوزراء

تقييم هذا المقال
بواسطة المحامي سجاد خماس الساعدي, منذ 2 ساعات عند 11:32 PM (24 المشاهدات)
عودة نوري المالكي الى رئاسة الوزراء ما زالت قضية مطروحة بقوة في النقاش العراقي خصوصا بعد ظهوره الاعلامي الاخير وتحركاته السياسية المتسارعة فهو يقدم نفسه مرة اخرى كصاحب خبرة قادر على ادارة المرحلة المعقدة التي يمر بها العراق اليوم مرحلة تتطلب شخصية تمتلك معرفة ببنية الدولة وتشابكاتها الداخلية وعلاقاتها الاقليمية والدولية

المالكي في برنامجه ركز على شبكة العلاقات الخارجية للعراق وضرورة اعادة توازنها بشكل يمنع التصادم ويفتح ابواب التعاون مع الدول المؤثرة فهو يدرك ان رئيس الوزراء المقبل يحتاج قدرة على التعامل بحذر ومرونة مع واشنطن وطهران والرياض وانقرة مع الحفاظ على استقلالية القرار العراقي وهي مهمة ليست سهلة لكنها جزء من المشروع الذي يحاول المالكي تسويقه باعتباره يعرف دهاليز السياسة الخارجية بما يكفي لادارتها

وفي الداخل يعتمد المالكي على نفوذه داخل الاطار التنسيقي الذي يعد اليوم القوة الاكبر في تشكيل الحكومة فهو يمتلك تنظيما حزبيا صلبا وعلاقات متجذرة في مؤسسات الدولة ويحاول توظيف كل ذلك ليظهر كمرشح قادر على ضبط الايقاع الداخلي في مرحلة تحتاج وحدة قرار داخل المكون الشيعي وعدم تفككه وهو يقدم خطابا يؤكد به انه لا يسعى الى سلطة منفردة بل الى اعادة هندسة عمل الدولة بطريقة اكثر تماسكا

الجانب الاقتصادي كان حاضرا بقوة في حديثه اذ طرح مجموعة افكار عن الاصلاح المالي وتنويع الموارد وادارة السيولة وتحريك الاستثمار ومواجهة الازمات المتعلقة بالجفاف والتصحر والضغط على الزراعة والطاقة والمالكي هنا حاول ان يعطي الانطباع بان لديه رؤية عملية وليس مجرد توصيف للازمات وهو يركز على فكرة ان العراق لا يمكن ان ينهض دون مركز قرار قوي قادر على ايقاف الهدر واستعادة هيبة المؤسسات

محاربة الفساد كانت واحدة من اهم النقاط التي تحدث عنها المالكي وقدمها كشرط اي اساسي لنجاح اي حكومة فهو يرى ان الفساد اصبح منظومة عميقة ومتداخلة وان مواجهته تحتاج الى ارادة سياسية صارمة وتفعيل القضاء وهيئات الرقابة وتحصين مفاصل الدولة من المحاصصة وهو ملف حساس ومعقد لان الفساد اليوم ليس افرادا بل شبكات تمتد الى ادارات وموارد وعقود وكيانات سياسية ومن يطرحه يحتاج شجاعة وغطاء سياسي واسع حتى ينجح في تغييره

وفي محور الامن والسلاح اكد المالكي ان السلاح يجب ان يكون حصرا بيد الدولة وهو طرح حساس جدا لان القوى المسلحة خارج اطار الدولة اصبحت جزءا من الواقع العراقي ومواجهتها او حتى اعادة تنظيم وجودها يحتاج توافقا كبيرا وقدرة على ادارة تفاوض صعب مع هذه القوى وهو يدرك ان طريق فرض الدولة لن يكون ممكنا بالقوة وحدها بل عبر مزيج من الحوار والاستيعاب واعادة الهيكلة

كل هذه الملفات تجعل مهمة العودة الى رئاسة الوزراء معقدة لكنها ليست مستحيلة فالمالكي يمتلك قاعدة سياسية ثابتة وتنظيما قويا وخبرة تنفيذية لكنه في المقابل يواجه رفضا من بعض القوى الداخلية وتحفظا خارجيا وارثا ثقيلا يعود الى سنوات حكمه السابقة وهذا ما يجعل عودته مرهونة بظرف سياسي استثنائي وتفاهمات واسعة قد تتشكل في لحظة معينة وقد لا تتشكل

ومع ذلك يبقى المالكي رقما صعبا في السياسة العراقية ووجوده وتحركاته اليوم تعني انه لاعب لا يمكن تجاهله وان اسمه سيظل مطروحا في اي حديث عن مستقبل رئاسة الوزراء حتى وان كانت الطريق مليئة بالمعادلات والتوازنات التي تحتاج اكثر من ارادة شخصية لتحقيقها

المحامي سجاد خماس الساعدي
البصرة 23/11/2025
الكلمات الدلالية (Tags): المالكي حكومة وزراء سياسه
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال